‌‌ذكر الخبر الدال على أن الكبائر الجليلة قد تغفر بالنوافل القليلة116

صحيح ابن حبان

‌‌ذكر الخبر الدال على أن الكبائر الجليلة قد تغفر بالنوافل القليلة116

أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو خالد عن هشام عن محمد
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم " إن امرأة بغيا رأت كلبا في يوم حار يطيف ببئر قد أدلع لسانه من العطش فنزعت له فسقته فغفر لها" 1. [3: 6]

 الرَّاحمونَ يَرحَمُهم الرَّحمنُ، حتَّى لو كانتْ رحمتُهم للحَيوانِ، فضْلًا عَن الإنسانِ، ولا يُوجَدُ ذَنْبٌ يَستعظِمُ على اللهِ سُبحانَه؛ فهو الغَفورُ الرَّحيمُ لمَن تاب وأنابَ.

 وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ اللهَ تعالَى غَفَرَ لمُومِسةٍ -وهي المرأةُ الزَّانيةُ المجاهِرةُ بالفُجورِ-؛ لأنَّها مَرَّت بكلْبٍ على رَأسِ رِكيٍّ -أي: بِئرٍ- يَلهَثُ، فيُخرِجُ لِسانَه مِنَ العَطشِ يَكادُ يَموتُ منه، فنَزَعتْ هذه المرأةُ خُفَّها -والخُفُّ: ما يُلبَسُ في الرِّجلَينِ مِن جِلدٍ رَقيقٍ- ورَبطَتْه بِغطاءِ رَأسِها، فأنْزَلَتْه في البِئرِ حتَّى وَصَلَ إلى الماءِ وامتلَأَ، ثُمَّ جَلَبَتْ به الماءَ مِنَ البِئرِ وسَقَتِ الكَلْبَ، فغَفَرَ اللهُ لها بهذا الفِعلِ؛ لأَجْلِ رَحمتِها بالكَلبِ. وفي الحديثِ: أنَّ الرِّفقَ والرَّحمةَ لا تَختصُّ بالإنسانِ، بلْ تَتَعدَّاه إلى كُلِّ ما فيه رُوحٌ، وتلك مِن أَعظَمِ تَعاليمِ الإسلامِ الحَنيفِ.

وفيه: فضْلُ سَقْيِ الماءِ وكَونُه مِن أعظَمِ القُرُباتِ. 

وفيه: التَّنفيرُ مِن الإساءةِ إلى البَهائمِ والحَيوانِ.

وفيه: أنَّ اللهَ تعالَى يَتجاوَزُ عن الكَبيرةِ بالعمَلِ اليَسيرِ تَفضُّلًا منه سُبحانَه.