‌‌ذكر نفي الضلال عن الآخذ بالقرآن

صحيح ابن حبان

‌‌ذكر نفي الضلال عن الآخذ بالقرآن

أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو خالد الأحمر عن عبد الحميد بن جعفر عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي شريح الخزاعي قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أبشروا وأبشروا أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله"؟ قالوا: نعم1 قال: "فإن هذا القرآن سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بعده أبدا"1. [2:1]

القُرآنُ الكَريمُ هو الهدى والنُّورُ، وبه تَكونُ نَجاةُ الإنسانِ وسَعادَتُه في الدُّنيا والآخِرةِ، وإنَّ مِن أعظَمِ الوصايا الوصيَّةَ بالقُرآنِ الكَريمِ بتِلاوتِه والعَمَلِ به وتَدَبُّرِه وتَفهُّمِ مَعانيه والوُقوفِ عِندَ حُدودِه؛ ولهذا أوصى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الصَّحابةَ بالقُرآنِ في آخِرِ حَياتِه في حَجَّةِ الوداعِ، فقال لَهم: وقد تَرَكتُ فيكم ما لَن تَضِلُّوا بَعدَه إنِ اعتَصَمتُم به: كِتابَ اللهِ.

وفي هذا الحَديثِ أيضًا الوصيَّةُ بكِتابِ اللهِ؛ فقد خَرَجَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على أصحابِه كما في الرِّوايةِ الأُخرى، وقال لَهم: أبشِروا، أليس تَشهَدونَ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنِّي رَسولُ اللهِ؟ قالوا: بَلى، وهذا يَدُلُّ على عِظَمِ الشَّهادَتَينِ وأنَّهما أصلُ الدِّينِ: الشَّهادةِ للَّهِ بالوحدانيَّةِ، ولنَبيِّه بالرِّسالةِ، قال: إنَّ هذا القُرآنَ سَبَبٌ، أي: حَبلٌ مَمدودٌ يُرتَقى به ويُتَوصَّلُ به إلى الشَّيءِ، طَرَفُه بيَدِ اللهِ، وطَرَفُه بأيديكم، أي: طَرَفُه الآخَرُ، فتَمَسَّكوا به، أي: لأنَّه يُتَوصَّلُ به إلى الخُروجِ مِنَ الفِتَنِ والبُعدِ عنِ الضَّلالِ والكُفرِ، فإنَّكم لَن تَضِلُّوا ولَن تَهلِكوا بَعدَه أبَدًا، أي: ما دُمتُم مُتَمَسِّكينَ بكِتابِ اللهِ تعالى.
وفي الحَديثِ أهَمِّيَّةُ شَهادةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ محمَّدًا رَسولُ اللهِ.
وفيه أهَمِّيَّةُ التَّمَسُّكِ بكِتابِ اللهِ.
وفيه أنَّ التَّمَسُّكَ بكِتابِ اللهِ أمانٌ مِنَ الهَلاكِ والضَّلالِ.
وفيه مَشروعيَّةُ التَّبشيرِ بما فيه مَسَرَّةٌ للنَّاسِ.