‌‌مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه 32

مسند احمد

‌‌مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه 32

حدثنا علي بن عياش، حدثنا الوليد بن مسلم (1) ، قال: وأخبرني يزيد بن سعيد بن ذي عصوان العنسي، عن عبد الملك بن عمير اللخمي
عن رافع الطائي رفيق أبي بكر في غزوة السلاسل، قال: وسألته عما قيل من بيعتهم، فقال - وهو يحدثه عما تكلمت به الأنصار وما كلمهم به، وما كلم به عمر بن الخطاب الأنصار، وما ذكرهم به من إمامتي إياهم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه -: فبايعوني لذلك، وقبلتها منهم، وتخوفت أن تكون فتنة، وتكون بعدها ردة

لمَّا توفِّيَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، كان مِنَ المَواضيعِ التي شَغَلت بالَ الصَّحابةِ مِنَ المُهاجِرينَ والأنصارِ

مَن يَكونُ الخَليفةَ بَعدَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟ وذلك أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يَنُصَّ على شَخصٍ يَكونُ بَعدَه، فاجتَمَعوا في سَقيفةِ بني ساعِدةَ لتدارُسِ هذا الأمرِ، فقال الأنصارُ: يَكونُ مِنَّا أميرٌ، ومِنكم، أي: المُهاجِرينَ، أميرٌ، فجاءَهم عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه وقال لَهم: يا مَعشَرَ الأنصارِ، هل تَعلَمونَ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَرَ أبا بَكرٍ يَؤُمُّ النَّاسَ بالصَّلاةِ، يَقصِدُ بذلك أنَّه بما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَرَه أن يَؤُمَّ النَّاسَ فهذا إشارةٌ إلى أنَّه الخَليفةُ بَعدَه، وهو مَن هو في فَضلِه وسابقَتِه في الإسلامِ! وقد رَضيَه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إمامًا، ثُمَّ تَمَّتِ البَيعةُ لأبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه، وقد سَألَ رافِعٌ الطَّائيُّ، وهو رافِعُ بنُ أبي رافِعٍ الطَّائيُّ رَضيَ اللهُ عنه، وكان رَفيقَ أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه في غَزوةِ السَّلاسِلِ، وهيَ ماءٌ بأرضِ جُذامٍ يُقالُ له: السَّلسَلُ، وبذلك سُمِّيَتِ الغَزوةُ به، وكانت سَنةَ ثَمانٍ للهجرةِ ضِدَّ الرُّومِ، وكان قائِدُها عَمرَو بنَ العاصِ رَضيَ اللهُ عنه، أنَّه سَألَ أبا بَكرٍ، أي: سَألَه بَعدَ تَولِّي أبي بَكرٍ الإمارةَ، وليس في غَزوةِ السَّلاسِلِ، عَمَّا قيلَ مِن بَيعَتِهم، أي: ما حَصَلَ مِن شَأنِ بَيعةِ الأنصارِ، وما قال الأنصارُ، وما قال لَهم أبو بَكرٍ، فحَدَّثَه أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه بقِصَّةِ البَيعةِ وما تَكَلَّمَت به الأنصارُ، وتَقدَّم ذِكرُ قَولِ الأنصارِ، وما كَلَّمَهم به، أي: أبو بَكرٍ. وذلك أنَّ أبا بَكرٍ قال لَهم: لا، بَل نَحنُ الأُمَراءُ وأنتُمُ الوُزَراءُ، وإنَّ هذا الأمرَ في قُرَيشٍ، وما كَلَّمَ به عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ الأنصارَ، وما ذَكَّرَهم به مِن إمامَتي إيَّاهم، أي: إمامةِ أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه، بأمرِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في مَرَضِه، وتَقدَّمَ ذِكرُ قَولِ عُمَرَ للأنصارِ، ثُمَّ بَعدَ ذلك بايَعَ الأنصارُ والنَّاسُ أبا بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه، وقَبلَ أبو بَكرٍ الخِلافةَ، وإنَّما قَبِلها تَخَوُّفًا أن تَقَعَ فِتنةٌ أشَدُّ مِن تَركِه قَبولَها، فقال: وتَخَوَّفتُ أن تَكونَ فِتنةٌ تَكونُ بَعدَها رِدَّةٌ، أي: أنَّه تَخَوَّف مِن تَأخيرِ أمرِ اختيارِ الخَليفةِ، فيَحصُلُ بسَبَبِ ذلك فِتنةٌ ورِدَّةٌ بَينَ النَّاسِ؛ ولهذا أخَّروا أمرَ دَفنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقدَّموا أمرَ البَيعةِ
وفي الحَديثِ بَيانُ قِصَّةِ بَيعةِ أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه
وفيه فَضلُ أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه
وفيه فَضلُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنه، ومَوقِفُه في بَيعةِ أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه
وفيه قَبولُ أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه للخِلافةِ
وفيه مَشروعيَّةُ قَبولِ المَناصِبِ لمَصلَحةِ المُسلِمينَ