‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1323

مسند احمد

‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1323

حدثنا يونس، وحسن بن موسى، قالا: حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أنس بن مالك: أن قوما ذكروا عند عبيد الله بن زياد الحوض - قال حسن: علي بن زيد، عن الحسن أنه ذكر عند عبيد الله بن زياد الحوض (2) - فأنكره، وقال: ما الحوض؟، فبلغ ذلك أنس بن مالك، فقال: لا جرم والله لأفعلن. فأتاه فقال: ذكرتم الحوض؟ فقال عبيد الله: هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكره؟ فقال: نعم، أكثر من كذا وكذا مرة " يقول: " إن ما بين طرفيه كما بين أيلة إلى مكة، - أو ما بين صنعاء ومكة -، وإن آنيته أكثر من نجوم السماء " قال حسن: " وإن آنيته لأكثر من عدد نجوم السماء "

مِن إكرامِ اللهِ عزَّ وجلَّ لِنَبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ جَعَلَ له حَوضًا يَومَ القِيامةِ يَسْقي منه أُمَّتَه؛ مَن شَرِبَ منه شَرْبةً لا يَظْمَأُ بَعدَها أبَدًا.
وفي هذا الحَديثِ "أنَّ قَومًا ذَكَروا عِندَ عُبَيدِ اللهِ بنِ زيادٍ الحَوضَ -قال حَسَنٌ: علِيُّ بنُ زَيدٍ، عنِ الحَسَنِ، أنَّه ذُكِرَ عِندَ عُبَيدِ اللهِ بنِ زيادٍ الحَوضُ- فأنْكَرَه"، يَعني: أَنكَرَ وُجودَ حَوضٍ لِلنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الآخِرةِ، والحَوضُ: هو الشَّيءُ أوِ المَكانُ الذي يُجمَعُ فيها الماءُ، وهذا الحوضُ يأْتيهِ ماؤُه مِن نَهرِ الكوثرِ الَّذي في الجنَّةِ، كما جاء في الرِّواياتِ، والمُرادُ به هنا: هو ما أَعطاهُ اللهُ لِلنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الآخِرةِ، وكانَ عُبيدُ اللهِ أميرًا على الكُوفةِ آنَذاكَ لِيَزيدَ بنِ مُعاويةَ، وكانَ قد شَكَّ في حَوْضِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقالَ: "ما الحَوضُ؟!" مُنكِرًا له، لا جاهِلًا بمَعناهُ، قالَ علِيُّ بنُ زَيدٍ: "فبَلَغَ ذلك أنَسَ بنَ مالِكٍ" صاحِبَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "فقالَ: لا جَرَمَ واللهِ لَأفعَلَنَّ"، وفي رِوايةٍ عِندَ أحمَدَ: "واللهِ لَأفعَلَنَّ به، ولَأفعَلَنَّ"، يَتوَعَّدُ أنَسٌ رَضِيَ اللهُ عنه عُبَيدَ اللهِ بنَ زِيادٍ؛ لِإنكارِه الحَوضَ الثَّابِتَ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "فأتاهُ، فقالَ: ذَكَرتُمُ الحَوضَ؟ فقالَ عُبَيدُ اللهِ: هل سَمِعتَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَذكُرُه؟" أي: يُخبِرُ عنه ويُثبِتُه، "فقال" أنَسٌ رَضِيَ اللهُ عنه: "نَعَمْ، أكثَرَ مِن كَذا وكَذا مَرَّةً"، بمَعنى: سَمِعتُه مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَرَّاتٍ كَثيرةً، "يَقولُ: إنَّ ما بيْنَ طَرَفَيْه كما بيْنَ أيْلةَ إلى مَكَّةَ -أو: ما بيْنَ صَنْعاءَ ومَكَّةَ-"، وهذا مِن تَقريبِ المَعنى في سَعةِ الحَوضِ يَومَ القِيامةِ، وأيْلةُ: بَلدةٌ على السَّاحِلِ مِن آخِرِ بِلادِ الشَّامِ مِمَّا يَلِي البَحرَ الأحمَرَ، وصَنعاءُ في بِلادِ اليَمَنِ، وذلك الاختِلافُ على طَريقِ التَّقريبِ، لا على سَبيلِ التَّحديدِ والتَّفاوُتِ بيْنَ اختِلافِ أحوالِ السَّامِعينَ في الإحاطةِ به عِلمًا، "وإنَّ آنيَتَه أكثَرُ مِن نُجومِ السَّماءِ. قالَ حَسَنٌ"

وهو أحدُ رُواةِ الحديثِ: "وإنَّ آنيَتَه لَأكثَرُ مِن عَدَدِ نُجومِ السَّماءِ-"، وهو مِثالٌ لِلكَثرةِ، والآنِيةُ هي الأكوابُ وما يُعَدُّ مِن أدَواتِ الشُّربِ على نَهَرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.