مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب عن النبي صلى الله عليه وسلم208
مسند احمد

حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، قال: سمعت ليثا، قال: سمعت طاوسا، يحدث عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " علموا، ويسروا، ولا تعسروا، وإذا غضب أحدكم فليسكت "
كانَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُرشِدُ أُمَّته إلى كلِّ خيرٍ، ومَا فيه صَلاحُ أحوالِهم وحِفْظُ دينِهم، وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "عَلِّمُوا" أي: عَلِّمُوا غيْرَكُم ممَّا عندَكُم وانْقلُوا العِلْمَ، "ويَسِّرُوا وَلا تُعَسِّرُوا" والتَّيسيرُ هو التَّسْهِيلُ، وضِدُّه التَّعسيرُ والتَّصعيبُ، ومَقصودُ الكلامِ: التَّخفيفُ على النَّفسِ بمُمارَسةِ الأعمالِ الَّتي تُطِيقُ، والاقتصادُ والتَّوسُّطُ في نَوافلِ العِباداتِ والطَّاعاتِ؛ مِن صِيامٍ وقيامٍ ونحوِهما، معَ عدَمِ إهمالِ حُقوقِ الجسَدِ وحُقوقِ الأهْلِ والولَدِ وغيرِها؛ فإنَّ ذلك يُؤدِّي إلى عاقِبَةٍ وَخِيمةٍ، وهي السَّآمةُ والملَلُ المُؤدِّي إلى كَراهيةِ الأعمالِ الصَّالحةِ، ثمَّ إلى كَراهيةِ الدِّينِ نفْسِه، والعياذُ باللهِ. ويُؤيِّدُ ذلك كُلَّه ظَواهِرُ القُرآنِ العزيزِ؛ قال اللهُ تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]، وقال: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} [المائدة: 6]، وقال: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]. ثمَّ قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُكرِّرًا الأمْرَ: "وإذا غَضِبْتَ فَاسْكُتْ، غَضِبْتَ فَاسْكُتْ، غَضِبْتَ فَاسْكُتْ" وهذا إرشادٌ عظيمٌ بِالسُّكوتِ حالَ الغضبِ وحَبْسِ اللِّسانِ وإلْجامِه؛ لأنَّ الإنسانَ قد يقولُ في غضَبِه أقوالًا شَنيعةً تُورِثُهُ النَّدَمَ في حَياتِه وآخرتِه.
وفي الحديثِ: التَّحذيرُ مِنَ الغضَبِ وآثارهِ.