مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب عن النبي صلى الله عليه وسلم207
مسند احمد

حدثنا معاذ بن معاذ، حدثنا حاجب بن عمر، حدثني عمي الحكم بن الأعرج، قال: أتيت ابن عباس، وهو متكئ عند زمزم، فجلست إليه، وكان نعم الجليس، فقلت: أخبرني عن يوم عاشوراء. قال: عن أي باله تسأل؟ قلت: عن صومه، أي يوم أصومه؟ قال: " إذا رأيت هلال المحرم فاعدد، فإذا أصبحت من تاسعة، فأصبح منها صائما " قلت: أكذاك " كان يصومه محمد صلى الله عليه وسلم "؟، قال: نعم
صِيَامُ يومِ عَاشُورَاءَ لَهُ فضلٌ عظيمٌ، وَقَد حَرَصَ السَّلَفُ على صومِ هذا اليومِ اقتداءً بالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم مَعَ مُخالَفَةِ اليَهُودِ فِي طريقةِ صيامِهم، وفي ذَلِكَ يَذْكُرُ الحَكَمُ بنُ الأَعْرَجِ أحدُ التَّابِعينَ: أَنَّهُ أتَى عبدَ الله بنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما وَهُوَ متوسِّدٌ رِدَاءَه فِي المسجدِ الحرامِ، أي: جَعَلَ رِداءَه تحتَ رأسِه كالوِسادَةِ؛ فسَأَله الحَكَمُ عن صومِ يومِ عَاشُورَاءَ، أي: عن وقتِ صَومِه، فَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: إِذَا رَأَيْتَ هِلالَ المُحَرَّمِ فاعْدُدْ، أي: إِذَا دخَل شهرُ المحرَّمِ فأَحْصِ مِن أَوَّلِه وعُدَّ ، فإذا كَانَ يومُ التَّاسِعِ فأصبِحْ صائمًا، أي: فإذا وصَلْتَ لِلتَّاسِعِ مِنَ المحرَّمِ فأَصبِحْ فِيهِ صائمًا، ومعناه: صُمِ اليَوْمَ التَّاسِعَ مَعَ العاشِرِ، فَقَالَ الحَكَمُ: كذا كَانَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم يَصُومُ؟ أي: هل كَانَ صيامُ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم فِي هذا اليومِ؟ فَقَالَ لَهُ ابنُ عَبَّاسٍ: كَذَلِكَ كَانَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم يَصُومُ، وَهُوَ يُرِيدُ بِذَلِكَ ما رُوِيَ مِن عَزْمِه -عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- على صومِ التَّاسِعِ مَعَ العاشِرِ حيثُ قال صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم: "لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ والعاشِرَ"؛ لِئَلَّا يَتَشَبَّهَ باليَهُودِ فِي صيامِ اليَومِ العاشِرِ وحدَه