‌‌مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه 160

مسند احمد

‌‌مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه 160

حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا علي بن زيد، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، أن عثمان بن عفان، نزل قديدا فأتي بالحجل في الجفان شائلة بأرجلها، فأرسل إلى علي، وهو يضفز بعيرا له، فجاء والخبط يتحات من يديه، فأمسك علي، وأمسك الناس، فقال علي: من ها هنا من أشجع؟ هل تعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه أعرابي ببيضات نعام، وتتمير وحش، فقال: " أطعمهن أهلك، فإنا حرم "؟ قالوا: بلى فتورك عثمان عن سريره، ونزل، فقال: خبثت علينا (3)

الإسلامُ دينُ الرَّحمةِ والشَّفقةِ بالنَّاسِ، فإذا كان الاغتِسالُ مِن المنيِّ والجنابةِ واجبًا، فإنَّ مِن تَخفيفِ الإسلامِ ومُراعاتِه لأحوالِ النَّاسِ أنَّه فرَّق بينَ المنيِّ الغليظِ والمَذْيِ الخَفيفِ الَّذي يَكثُرُ نُزولُه عندَ حُضورِ الشَّهوةِ بجسَدِ الرَّجُلِ، أو عَقِبَ نُزولِ المنيِّ وبَعدَ الاغتسالِ منه

وفي هذا الحَديثِ يقولُ سهلُ بنُ حُنَيْفٍ: "كنتُ ألْقَى مِن المَذْيِ شِدَّةً"، أي: في كَثرةِ خُروجِه ونُزولِه، والمَذْيُ: ماءٌ أبيضُ رقيقٌ، مِن شأنه أنَّه يتَقدَّمُ أو يَعقُبُ خُروجَ المنيِّ، وأحيانًا يَخرُج بعدَ البولِ، أو عندَ الشَّهوةِ، قال: "وكنتُ أُكثِرُ مِن الاغتسالِ"، أي: بسببِ نُزولِ المَذْيِ؛ ظنًّا مِنه أنَّه يَجِبُ فيه الاغتسالُ، قال سَهْلٌ: "فسأَلتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن ذلك"، أي: عن الغُسْلِ من المَذْيِ، فقال: "إنَّما يُجزيك مِن ذلك الوُضوءُ"، أي: يَكفيكَ فيه الوُضوءُ لا الغُسْلُ، قال سهلٌ: "يا رسولَ اللهِ، فكيف بما يُصيبُ ثَوبي منه؟" أي: مِن هذا المَذْيِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "يَكْفيك بأن تأخُذَ كفًّا من ماءٍ، فتَنْضَحَ بها مِن ثوبِك حيث تَرى أنَّه أصابَه"، أي: تَرُشُّ الموضِعَ الَّذي أصابه المذيُ مِن الثَّوبِ بالماءِ، حتَّى تَعتقِدَ أنَّك أَزَلْتَه