حديث أم مالك البهزية
مسند احمد

حدثنا يونس بن محمد، قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد، قال: حدثنا ليث يعني ابن أبي سليم، قال: حدثني طاووس، عن أم مالك البهزية قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير الناس في الفتنة رجل معتزل في ماله، يعبد ربه، ويؤدي حقه، ورجل آخذ برأس فرسه في سبيل الله، يخيفهم ويخيفونه»
التَّفاضلُ بينَ النَّاسِ يكونُ بقَدْرِ ما يَقومونَ به مِن أعمالٍ صالحةٍ، وتَرْكِ ما نُهُوا عنه، ويَزدادُ التفاضُلُ في زَمنِ الفِتَنِ أكثرَ؛ حيثُ يكونُ المتمسِّكُ بدِينِه والمعتزِلُ للفِتَنِ أفْضلَ مِن غيرِه
وفي هذا الحَديثِ يقولُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "خَيرُ الناسِ في الفِتَنِ"، أي: أفْضلُ الناسِ في أوقاتِ الفِتَنِ والبلاءِ، وانتشارِ القتلِ والـهَرْجِ، "رجُلٌ آخِذٌ بعِنانِ فَرَسِه -أو قال: بِرَسَنِ فَرَسِه-" أي: مُنطَلِقٌ بفَرسِه آخذٌ بلِجامِه، وهذا كِنايةٌ عن طَلَبِه الجِهادَ، وعن الـمُسارَعةِ فيه، "خَلْفَ أعداءِ اللهِ، يُخِيفُهم ويُخِيفُونه" فيُجاهِدُ في سبيلِ اللهِ بقِتالِ أعدائِه لِنَشْرِ دِينِه، وهو على تلك الحالِ يُخِيفُ العدُوَّ تارةً، ويَخافُ منهم تارةً، ولكنه صابرٌ مُحتسِبٌ، وفي هذا بُعدٌ عن مَواطِنِ الفِتنِ التي تقَعُ بين المُسلِمين؛ ممَّا يُقلِّلُ حمِيَّتَها وثَورتَها، "أو رجُلٌ مُعتزِلٌ في بادِيَتِه"، أي: مُعتزِلٌ للنَّاسِ في الصَّحراءِ، "يُؤدِّي حقَّ اللهِ تعالى الذي عليه" مِن العِبادةِ والذِّكرِ والطاعاتِ، وفي رِوايةِ التِّرمِذيِّ: "في غَنَمِه" تَكْفيهِ حاجتَه، ولا تَشغَلُه عمَّا هو فيه، "يُؤدِّي حقَّ اللهِ فيها"، أي: يُخرِجُ زَكاةَ غنَمِه وصدقَتَها
وفي الحديثِ: بيانُ فضْلِ الجِهادِ في سبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وفضلِ اعتِزالِ النَّاسِ، خاصَّةً عندَ الفِتَنِ