ذكر الأمر بلزوم الرفق في الأشياء إذ دوامه عليه زينته في الدنيا والآخرة274
صحيح ابن حبان

أخبرنا إبراهيم بن أبي أمية بطرسوس قال حدثنا نوح بن حبيب البذشي القومسي قال حدثنا عبد الرزاق قال حدثنا معمر عن قتادة
عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا كان الفحش في شيء قط إلا شانه" 1 [1: 89]
الرِّفقُ خَيرٌ للإنْسانِ في دِينِهِ ودُنياهُ، وهو عَونٌ له على مُرادِهِ، وقد حثَّ الإسلامُ عليه، وبيَّنَ عاقِبَتَهُ الحَسَنةَ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابِعيُّ شُرَيحُ بنُ هانِئٍ: "قُلتُ لعائِشةَ: هل كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَبْدو؟" وهو الذَّهابُ إلى أماكِنَ تَبعُدُ في الصَّحْراءِ كمَقامِ البَدْوِ بها، "قالتْ: نَعَمْ، كان يَبْدو إلى هذه التِّلاعِ"، والتِّلاعُ جَمعُ تَلْعةٍ، وهي ما ارتَفَعَ مِنَ الأرْضِ وغَلُظَ، وكان ما سَفُلَ منها مَسيلًا لمائِها، وهي أيضًا ما انحَدَرَ من الأرْضِ، وما أشرَفَ منها، فهي من الأضْدادِ، والمَعْنى: أنَّه كان يَذهَبُ بَعيدًا عن النَّاسِ لِيَخلُوَ بنَفسِهِ في الأماكِنِ المُسْتَترةِ بَعيدًا عن النَّاسِ. وقيلَ: المُرادُ هُنا مَسيلُ الماءِ، وأنَّه كان يَخرُجُ إليه عِندَ مَجيءِ الماءِ، ثُمَّ قالت عائِشةُ رضِيَ اللهُ عنها: "فأرادَ البَداوةَ مرَّةً، فأرسَلَ إلى نَعَمٍ من إبِلِ الصَّدَقةِ"، وهي الجِمالُ المَأْخوذةُ من زَكَواتِ النَّاسِ، "فأعْطاني منها ناقةً مُحرَّمةً"، وهي ناقةٌ يَحرُمُ قَتْلُها وذَبْحُها، وهي مَوْقوفةٌ للهِ، "ثُمَّ قالَ: يا عائِشةُ، عليكِ بتَقْوى اللهِ عزَّ وجلَّ والرِّفْقِ" به تَتأتَّى الأغْراضُ وتَسهُلُ به المقاصِدُ ما لا تَتأتَّى وتَسهُلُ بغَيرِهِ، والمُرادُ بالرِّفقِ: لِينُ الجانِبِ والأخْذُ بالأسهَلِ؛ فإنَّ الرِّفقَ لم يَكُ في شَيءٍ قَطُّ إلَّا زانَهُ" فزَيَّنَه وجَعلَه حَسنًا جَميلًا "ولم يُنزَعْ من شَيءٍ قطُّ إلَّا شانَهُ" فعابَهُ وجَعَلَهُ قَبيحًا .