حديث عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه 4
مسند احمد

حدثنا يزيد، أخبرنا مهدي بن ميمون، عن محمد بن أبي يعقوب، عن الحسن بن سعد، عن عبد الله بن جعفر، وحدثنا بهز، وعفان، قالا: حدثنا مهدي، حدثنا محمد بن أبي يعقوب، عن الحسن بن سعد، مولى الحسن بن علي ، عن عبد الله بن جعفر، قال: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذات يوم خلفه، فأسر إلي حديثا لا أخبر به أحدا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب ما استتر به في حاجته هدف، أو حائش نخل، فدخل يوما حائطا من حيطان الأنصار، فإذا جمل قد أتاه فجرجر، وذرفت عيناه - قال بهز، وعفان: فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حن وذرفت عيناه - فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم سراته وذفراه، فسكن، فقال: " من صاحب الجمل؟ " فجاء فتى من الأنصار، فقال: هو لي يا رسول الله، فقال: " أما تتقي الله في هذه البهيمة التي ملككها الله، إنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه "
الرِّفْقُ لا يكونُ في شيءٍ إلَّا زَانَه، والنَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان أَرْفَقَ النَّاس وأرحمَهم، وقد عَلَّمَنا ذلك وحَثَّنا عليه
وفي هذا الحديثِ يقولُ عبدُ الله بن جَعْفَرٍ رضِي اللهُ عنهما: "أَرْدَفَنِي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم خَلْفَهُ"، أي: أرْكبَني خَلْفَهُ على دابَّتِه ورُكوبَتِه، "ذاتَ يومٍ"، أي: في يومٍ، "فَأَسَرَّ إليَّ حديثًا"، أي: أَخبرَني بِسِرٍّ من الأَسْرارِ، "لا أُحَدِّثُ به أَحدًا من النَّاس"؛ لأنَّ الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم لمَّا أَخْفَاها عن النَّاس لا يَنبَغي لي أنْ أُفْشِيَها، "وكان أحبُّ ما اسْتَتَرَ به رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم"، أي: أحبُّ شيءٍ يَسْتَتِرُ به عن أَعْيُنِ النَّاس، "لِحاجَتِهِ"، أي: لِقَضاءِ حاجَتِهِ، "هَدَفًا"، أي: ما ارْتَفَعَ من الأرض من بِناءٍ وغيره، أو "حائِشَ نَخْلٍ"، وهو النَّخْلُ المُلْتَفُّ المُجْتَمِع بعضُه على بعضٍ كأنَّه لالتِفافِه يَحوشُ بعضُه بعضًا، "قال" عبدُ الله بن جَعْفَرٍ: "فَدخلَ" رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، "حائِطًا"، أي: بُسْتانًا، "لِرَجُلٍ من الأنصار" لم يَذكُر اسمَه، "فإذا جَمَلٌ" مَوجودٌ في الحائِط، "فلمَّا رأى" الجَمَلُ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم "حَنَّ"، أي: بَكَى بالحَنِينِ، "وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ"، أي: سالَتْ عَيْنَاهُ دَمْعًا، فأَتاه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم "فَمسحَ ذِفْرَاهُ"، وهو المَوضِع الَّذي يَعْرَقُ من قَفا البَعِير عند أُذُنِه، وهُما ذِفْرَيانِ، "فَسكتَ"، أي: عن الحَنينِ والدَّمْعِ، "فقال" رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "مَنْ رَبُّ هذا الجَمَلِ"، أي: مَنْ صاحِبُ هذا الجَمَلِ، "لِمَنْ هذا الجَمَلُ؟"، أي: مَن المَسْؤول عنه، فجاء فَتًى من الأنصار "فقال" الفَتَى: لي يا رسولَ الله. "فقال" رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "أَفَلَا تَتَّقِي الله"! أي: لماذا لا تَتَّقِي اللهَ في هذه البَهيمَةِ التي مَلَّكَكَ الله إيَّاها؟؛ "فإنَّه"، أي: الجَمَلَ، "شَكَا إليَّ أنَّكَ تُجِيعُهُ"، أي: لا تُطْعِمُهُ حتَّى يُؤْذِيَه الجُوعُ، "وتُدْئِبُهُ"، أي: تُكِدُّهُ وتُتْعِبُهُ في العَمَلِ الكثير
وفي الحديثِ: تَعليمُ الصِّغار وتَربِيتُهم على الأَمانة، وتَحَمُّلِ مَسْؤولِيَّة ما يُلْقَى إليهم من أَسرارٍ
وفيه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم مُؤَيَّدٌ بالمُعْجِزاتِ
وفيه: رحمةُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالحَيَوانِ