ذكر استحباب طلاق المرء امرأته بأمر أبيه إذا لم يفسد ذلك عليه دينه ولا كان فيه قطيعة رحم154
صحيح ابن حبان

أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا المقدمي قال حدثنا يحيى القطان وعمر بن علي عن بن أبي ذئب عن خاله الحارث بن عبد الرحمن عن حمزة بن عبد الله بن عمر قال:
تزوج أبي امرأة وكرهها عمر فأمره بطلاقها فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال "أطع أباك" 1
طاعةُ الوالِدَينِ في المَعْروفِ من أعظمِ الأعمالِ الصَّالحةِ، خصوصا إذا كان الوالدين من أهلِ الفَضلِ والدِّراية والتَّزكِية من اللهِ ورَسُولِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وما يَراهُ أحَدُهم مَصلَحةً لأولادِه ليس فيه هوًى ولا زَيغٌ عن الحَقِّ، كأميرِ المؤمنينَ عُمرَ رضِيَ اللهُ عنه.
وفي هذا الحَديثِ يقول عَبدُ اللهِ بْنُ عُمرَ بْنِ الخَطَّاب رضِيَ اللهُ عنهما: «كانت تَحْتي امْرَأةٌ» وهذا كِنايةٌ عن زَوجَتِه، «وكنتُ أُحِبُّها، وكان عُمرُ يَكرَهُها!»، كان أبي عمرُ بنُ الخَطَّابِ يَكرَهُها، ولَعلَّ كَراهِية عُمرَ لها لأمرٍ يَراهُ فِيها، ولا يَراهُ عَبدُ اللهِ لحُبِّه لها، «فقال لي: طَلِّقْهَا»، والظَّاهر أنَّ عِلَّة أمْرِه بطَلاقِها عِلَّةٌ دِينِيَّةٌ، أو خَشِي أَن تَجرَّه إلى ضَررٍ في دِينِه، قال عبدُ الله: «فَأَبَيْتُ»، أي: رَفَضتُ طَلاقَها؛ لِمَا له مِن رَغبةٍ وحُبٍّ في تِلك المَرأةِ، «فَأَتَى عُمَرُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَذَكَرَ له ذلك!» أي: امْتِناع ابْنهِ عن مُوافَقتِه في طَلاقِها، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «طَلِّقْها»، فأقرَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَأيَ عُمرَ؛ لأنَّهُ كان يعْلمُ صِدقَ نَيَّتهِ وَصدْقَ حَدْسِه؛ فَأمَر عَبدَ اللهِ أنْ يُطَلِّق هذه المَرأةَ، طاعةً لِوالِدِه، فَطلَّقَها عَبدُ اللهِ بْنُ عُمرَ، وقد جاءَ في رِواية ابن ماجه قَولُه: «فَطَلَّقْتُها»؛ وذلك لأنَّه ما كان ليتَخَلَّفَ عن امْتِثال أمْرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.