باب أذكاره إذا خرج

وروينا في " سنن أبي داود " وغيره بالإسناد الصحيح عن عبد الله بن يزيد الخطمي الصحابي رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يودع الجيش قال:
" أستودع الله دينكم وأمانتكم وخواتيم أعمالكم ".
كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس تعاملا مع أصحابه في كل حال
وفي هذا الحديث يحكي عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ودع رجلا"، أي: إذا ودع رجلا مسافرا من أصحابه عند خروجه، "أخذ بيده"، أي: أمسك بها، "فلا يدعها"، أي: لا يتركها، "حتى يكون الرجل"، أي: المسافر، "هو الذي يدع يده"، أي: يتركها، ويدعو له النبي صلى الله عليه وسلم ويقول: "أستودع الله"، أي: أسأل الله عز وجل أن يحفظ لك "دينك وأمانتك وخواتيم عملك"، أي: فلا يضيع شيئا من الثلاثة، والخواتيم جمع خاتم، وهو ما يختم به الشيء، وأريد به هنا: ما يختم به العمل، دعا له صلى الله عليه وسلم أن يحفظ الله له خاتمة عمله، فيحسنها حتى يختم عمله بالخير؛ فيموت على الإيمان والعمل الصالح، وخص النبي صلى الله عليه وسلم تلك الخصال بالحفظ في السفر؛ لأن في السفر مشقة وخوفا، وهما سببان من أسباب إهمال بعض أمور الدين، والتقصير في بعض العبادات؛ فدعا النبي صلى الله عليه وسلم له بالمعونة في دينه والتوفيق فيه؛ لأنه أهم شيء، وكل خير وسعادة في الدنيا إنما تكون بسببه، كذلك لا يخلو سفر من الاشتغال بما يحتاج إليه من أخذ وإعطاء وعشرة، فدعا له أيضا بحفظ الأمانة وتجنب الخيانة، ثم دعا له بحسن الخاتمة؛ لتكون عاقبته مأمونة في الدنيا والآخرة، وأن تكون أعماله مختومة بخير.
وفي الحديث: إشارة إلى أن موضع الأمانة من الناس كموضع الدين منهم.