باب افتتاح الصلاة

حدثنا قتيبة بن سعيد، ثنا ابن لهيعة ، عن يزيد، يعني ابن أبي حبيب ، عن محمد بن عمرو بن حلحلة، عن محمد بن عمرو العامري ، قال: «كنت في مجلس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتذاكروا صلاته صلى الله عليه وسلم، فقال أبو حميد فذكر بعض هذا الحديث، وقال: فإذا ركع أمكن كفيه من ركبتيه، وفرج بين أصابعه، ثم هصر ظهره غير مقنع رأسه ولا صافح بخده، وقال: فإذا قعد في الركعتين قعد على بطن قدمه اليسرى، ونصب اليمنى، فإذا كان في الرابعة أفضى بوركه اليسرى إلى الأرض وأخرج قدميه من ناحية واحدة»
( فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) أَيْ فِي مَحْضَرِ عَشَرَةٍ يَعْنِي بَيْنَ عَشَرَةِ أَنْفُسٍ وَحَضْرَتِهِمْ ( أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) فِيهِ مَدْحُ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ لِمَنْ يَأْخُذُ عَنْهُ لِيَكُونَ كَلَامُهُ أَوْقَعَ وَأَثْبَتَ عِنْدَ السَّامِعِ كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ مَدْحُ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ وَافْتِخَارُهُ فِي الْجِهَادِ لِيُوقِعَ الرَّهْبَةَ فِي قُلُوبِ الْكُفَّارِ ( مَا كُنْتَ بِأَكْثَرِنَا لَهُ تَبَعَةً ) أَيِ اقْتِدَاءً لِآثَارِهِ وَسُنَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( قَالُوا فَاعْرِضْ ) بِهَمْزَةِ وَصْلٍ أَيْ إِذَا كُنْتَ أَعْلَمُ فَاعْرِضْ . فِي النِّهَايَةِ يُقَالُ : عَرَضْتُ عَلَيْهِ أَمْرَ كَذَا أَوْ عَرَضْتُ لَهُ الشَّيْءَ أَظْهَرْتُهُ وَأَبْرَزْتُهُ إِلَيْهِ اعْرِضْ بِالْكَسْرِ لَا غَيْرَ أَيْ بَيِّنْ عِلْمَكَ بِصَلَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فِيمَا تَدَّعِيهِ لِنُوَافِقُكَ إِنْ حَفِظْنَاهُ وَإِلَّا اسْتَفَدْنَاهُ ( حَتَّى يَقَرَّ ) أَيْ يَسْتَقِرَّ ( وَيَضَعَ رَاحَتَيْهِ ) أَيْ كَفَّيْهِ ( ثُمَّ يَعْتَدِلَ ) أَيْ فِي الرُّكُوعِ بِأَنْ يُسَوِّيَ رَأْسَهُ وَظَهْرَهُ حَتَّى يَصِيرَا كَالصَّفْحَةِ وَتَفْسِيرُهُ قَوْلَهُ ( فَلَا يَصُبُّ رَأْسَهُ ) مِنَ الصَّبِّ أَيْ لَا يُمِيلُهُ إِلَى أَسْفَلَ وَفِي نُسْخَةِ الْخَطَّابِيُّ لَا يَنْصِبُ حَيْثُ قَالَ قَوْلَهُ لَا يَنْصِبُ رَأْسَهُ هَكَذَا جَاءَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَنَصْبُ الرَّأْسِ مَعْرُوفٌ ، وَرَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ سَمِعَهُ مِنْ عَبَّاسٍ هُوَ ابْنُ سَهْلٍ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ قَالَ فِيهِ : لَا يُصَبِّي رَأْسَهُ وَلَا يُقْنِعُهُ ، يُقَالُ صَبَّى الرَّجُلُ رَأْسَهُ يُصَبِّيهُ إِذَا خَفَضَهُ جِدًّا ، وَقَدْ فَسَّرْتُهُ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ انْتَهَى . وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ : وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُصَبِّي رَأْسَهُ فِي الرُّكُوعِ وَلَا يُقْنِعُهُ أَيْ لَا يَخْفِضُهُ كَثِيرًا وَلَا يُمِيلُهُ إِلَى الْأَرْضِ مِنْ صَبَا إِلَيْهِ يَصْبُو إِذَا مَالَ ، وَصَبَّى رَأْسَهُ تَصْبِيَةً شُدِّدَ لِلتَّكْثِيرِ ، وَقِيلَ هُوَ مَهْمُوزٌ مِنْ صَبَأَ إِذَا خَرَجَ مِنْ دِينٍ وَيُرْوَى لَا يَصْبُ انْتَهَى . وَقَالَ فِي الْمِرْقَاةِ وَفِي النِّهَايَةِ وَشَدَّدَهُ لِلتَّكْثِيرِ . قُلْتُ : الظَّاهِرُ أَنَّهُ لِلتَّعْدِيَةِ . وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ : الصَّوَابُ يُصَوِّبُ قُلْتُ إِذَا صَحَّ صَبَّى لُغَةٌ وَرِوَايَةٌ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ وَالصَّوَابُ . انْتَهَى ( وَلَا يُقْنِعُ ) مِنْ أَقْنَعَ رَأْسَهُ إِذَا رَفَعَ أَيْ لَا يَرْفَعُهُ حَتَّى يَكُونَ أَعْلَى مِنْ ظَهْرِهِ ( ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ ) أَيْ إِلَى الْقَامَةِ بِالِاعْتِدَالِ ( مُعْتَدِلًا ) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ يَرْفَعُ ( ثُمَّ يَهْوِي إِلَى الْأَرْضِ ) أَيْ يَنْزِلُ ، وَالْهُوِيُّ السُّقُوطُ مِنْ عُلُوٍّ [ ص: 317 ] إِلَى أَسْفَلَ ( فَيُجَافِي يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ ) أَيْ يُبَاعِدُ ( وَيَثْنِي ) بِفَتْحِ الْيَاءِ الْأُولَى أَيْ يَعْطِفُ ( وَيَفْتَخُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَأَصْلُ الْفَتَخِ اللِّينُ أَيْ يَثْنِيهَا وَيُلِينُهَا فَيُوَجِّهُهَا إِلَى الْقِبْلَةِ . وَفِي النِّهَايَةِ : أَيْ يُلِينُهَا فَيَنْصِبُهَا وَيُغْمِضُ مَوْضِعَ الْمَفَاصِلِ وَيَثْنِيهَا إِلَى بَاطِنِ الرِّجْلِ ( ثُمَّ يَقُولُ : اللَّهُ أَكْبَرُ . وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَثْنِي رِجْلَهُ الْيُسْرَى فَيَقْعُدُ عَلَيْهَا حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى مَوْضِعِهِ ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ لَا تَشَهُّدَ فِيهَا وَيَجِيءُ بَيَانُهُ فِي مَوْضِعِهِ مَبْسُوطًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ قَعَدَ قَعْدَةً بَعْدَمَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ الْقِيَامِ ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ لَا يَقْعُدْهَا ، وَرَوَاهُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَنْهَضُونَ عَلَى صُدُورِ أَقْدَامِهِمْ ( أَخَّرَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى ) أَيْ أَخْرَجَ مِنْ تَحْتِ مَقْعَدَتِهِ إِلَى الْأَيْمَنِ ( وَقَعَدَ مُتَوَرِّكًا عَلَى شِقّهِ الْأَيْسَرِ ) أَيْ مُفْضِيًا بِوَرِكِهِ الْيُسْرَى إِلَى الْأَرْضِ غَيْرَ قَاعِدٍ عَلَى رِجْلَيْهِ . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَفِيهِ مِنَ السُّنَّةِ أَنَّ الْمُصَلِّي أَرْبَعًا يَقْعُدُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ عَلَى بَطْنِ قَدَمِهُ الْيُسْرَى وَيَقْعُدُ فِي الرَّابِعَةِ مُتَوَرِّكًا وَهُوَ أَنْ يَقْعُدَ عَلَى وَرِكِهِ وَيُفْضِي بِهِ إِلَى الْأَرْضِ وَلَا يَقْعُدُ عَلَى رِجْلِهِ كَمَا يَقْعُدُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ . وَكَانَ مَالِكٌ يَذْهَبُ إِلَى الْقُعُودِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ سَوَاءٌ بِحَيْثُ أَنْ يَكُونَ وَرِكُهُ عَلَى وَرِكِهِ وَلَا يَقْعُدُ عَلَى بَطْنِ قَدَمِهِ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى ، وَكَذَلِكَ يَقْعُدُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ . وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَرَى الْقُعُودَ عَلَى قَدَمِهِ فِي الْقَعْدَتَيْنِ جَمِيعًا ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ ( قَالُوا ) أَيِ الْعَشَرَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا
( أَمْكَنَ ) أَيْ أَقْدَرَ ( ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَاهُ ثَنَى ظَهْرَهُ وَخَفَضَهُ ، وَأَصْلُ الْهَصْرِ أَنْ تَأْخُذَ بِطَرَفِ الشَّيْءِ ثُمَّ تَجْذِبُهُ إِلَيْكَ كَالْغُصْنِ مِنَ الشَّجَرَةِ وَنَحْوِهِ فَتُمِيلُهُ فَيَنْصَهِرَ أَيْ يَنْكَسِرَ مِنْ غَيْرِ بَيْنُونَةٍ . انْتَهَى
( وَلَا صَافِحٍ بِخَدِّهِ ) أَيْ غَيْرَ مُبْرِزٍ صَفْحَةَ خَدِّهِ مَائِلًا فِي أَحَدِ الشِّقَّيْنِ ( أَفْضَى بِوَرِكِهِ الْيُسْرَى إِلَى الْأَرْضِ ) أَيْ أَوْصَلَهَا إِلَى الْأَرْضِ . قَالَ الْجَوْهَرِيُّ : أَفْضَى بِيَدِهِ إِلَى الْأَرْضِ إِذَا مَسَّهَا بِبَطْنِ رَاحَتِهِ . انْتَهَى . ( وَأَخْرَجَ قَدَمَيْهِ مِنْ نَاحِيَةٍ وَاحِدَةٍ ) وَهِيَ نَاحِيَةِ الْيُمْنَى وَإِطْلَاقِ الْإِخْرَاجِ عَلَى الْيُمْنَى تَغْلِيبٌ لِأَنَّ الْمُخْرَجَ حَقِيقَةٌ هُوَ الْيُسْرَى لَا غَيْرَ ، كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَفِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ ، وَفِيهِ مَقَالٌ . ( فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ ) أَيْ لَهُمَا ( وَلَا قَابِضَهُمَا ) . أَيْ بِأَنْ يَضُمَّهُمَا إِلَيْهِ ( وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ الْقِبْلَةَ ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ
( عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ أَحَدِ بَنِي مَالِكٍ عَنْ عَبَّاسٍ أَوْ عَيَّاشِ بْنِ سَهْلٍ ) وَاعْلَمْ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ قَدْ سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ ، وَرِوَايَةُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْمُتَقَدِّمَةُ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ ، فَإِدْخَالُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَيْخِهِ أَبِي حُمَيْدٍ عَبَّاسًا كَمَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ إِمَّا لِزِيَادَةٍ فِي الْحَدِيثِ وَإِمَّا لِيُثْبِتَ فِيهِ ، فَتَكُونُ رِوَايَةُ عِيسَى هَذِهِ عَنْهُ مِنَ الْمَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ . قَالَهُ الْحَافِظُ ( بِهَذَا الْخَبَرِ ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ ، أَيْ رَوَى عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ ( يَزِيدُ أَوْ يَنْقُصُ ) أَيْ فِي رِوَايَةِ عِيسَى زِيَادَةٌ عَلَى الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَنُقْصَانٌ مِنْهُ ( قَالَ ) أَيْ عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ( فِيهِ ) أَيْ فِي الْحَدِيثِ ( فَانْتَصَبَ عَلَى كَفَّيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَصُدُورِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ سَاجِدٌ ) وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ فَاعْلَوْلَى عَلَى جَبِينِهِ وَرَاحَتَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَصُدُورِ قَدَمَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ مَا تَحْتَ مَنْكِبَيْهِ ( فَتَوَرَّكَ ) الْوَرِكُ فَوْقَ الْفَخِذِ أَيِ اعْتَمَدَ عَلَى وَرِكِهِ الْيُسْرَى وَجَلَسَ عَلَيْهَا ( وَنَصَبَ قَدَمَهُ الْأُخْرَى ) هِيَ الْيُمْنَى وَالْجُلُوسُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ مُتَوَرِّكًا هُوَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ ( ثُمَّ كَبَّرَ فَقَامَ ) عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ ( وَلَمْ يَتَوَرَّكْ ) أَيْ لَمْ يَجْلِسْ مُتَوَرِّكًا مِثْلَ تَوَرُّكِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ ( وَلَمْ يَذْكُرْ ) مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ ( التَّوَرُّكَ فِي التَّشَهُّدِ ) الثَّانِي ، وَكَذَا لَمْ يَذْكُرْ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ قَالَ الْحَافِظُ : وَهَذَا يُخَالِفُ رِوَايَةِ عَبْدِ الْحَمِيدِ فِي صِفَةِ الْجُلُوسِ وَيُقَوِّي رِوَايَةَ عَبْدِ الْحَمِيدِ وَرِوَايَةَ فُلَيْحٍ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ بِلَفْظِ كَانَ إِذَا جَلَسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ افْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَأَقْبَلَ بِصَدْرِ الْيُمْنَى عَلَى قِبْلَتِهِ أَوْرَدَهُ هَكَذَا مُخْتَصَرًا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ لَهُ . وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ خِلَافُ الرِّوَايَتَيْنِ وَلَفْظُهُ : فَاعْتَدَلَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَصُدُورَ قَدَمَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى التَّعَدُّدِ وَإِلَّا فَرِوَايَةُ عَبْدِ الْحَمِيدِ أَرْجَحُ . انْتَهَى
( فَذَكَرَ بَعْضَ هَذَا ) أَيْ بَعْضَ هَذَا الْحَدِيثِ ( قَالَ ) أَيْ فُلَيْحٌ ( وَوَتَّرَ يَدَيْهِ ) أَيْ عَوَّجَهُمَا مِنَ التَّوْتِيرِ وَهُوَ جَعْلُ الْوَتَرِ عَلَى الْقَوْسِ ( فَتَجَافَى عَنْ جَنْبَيْهِ ) أَيْ نَحَّى مِرْفَقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ حَتَّى كَأَنَّ يَدَهُ كَالْوَتَرِ وَجَنْبَهُ كَالْقَوْسِ . وَفِي النِّهَايَةِ أَيْ جَعَلَهُمَا كَالْوَتَرِ مِنْ قَوْلِكَ وَتَّرْتُ الْقَوْسَ وَأَوْتَرْتُهُ ، شَبَّهَ يَدَ الرَّاكِعِ إِذَا مَدَّهَا قَابِضًا عَلَى رُكْبَتَيْهِ بِالْقَوْسِ إِذَا أُوتِرَتْ ( فَأَمْكَنَ أَنْفَهُ وَجَبْهَتَهُ ) أَيْ مِنَ الْأَرْضِ ( وَنَحَّى ) مِنْ نَحَّى يُنَحِّي تَنْحِيَةً إِذَا أَبْعَدَ ( حَتَّى فَرَغَ ) مِنَ السَّجْدَتَيْنِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ ( ثُمَّ جَلَسَ ) فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ ( فَافْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى ) أَيْ جَلَسَ عَلَى بَطْنِهَا ( وَأَقْبَلَ بِصَدْرِ الْيُمْنَى عَلَى قِبْلَتِهِ ) أَيْ وَجَّهَ أَطْرَافَ أَصَابِعِ رِجْلِهِ الْيُمْنَى إِلَى الْقِبْلَةِ قَالَهُ الطِّيبِيُّ . وَنَقَلَ مَيْرَكُ عَنِ الْأَزْهَارِ أَيْ جَعَلَ صَدْرَ الرِّجْلِ الْيُمْنَى مُقَابِلًا لِلْقِبْلَةِ ، وَذَلِكَ بِوَضْعِ بَاطِنِ الْأَصَابِعِ عَلَى الْأَرْضِ مُقَابِلَ الْقِبْلَةِ مَعَ تَحَامُلٍ قَلِيلٍ فِي نَصْبِ الرِّجْلِ . وَالْجُلُوسُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فِي التَّشَهُّدَيْنِ هُوَ مَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ ( وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ ) وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ عَمْرٍو أَشَارَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ وَفِي أُخْرَى لَهُ وَقَبَضَ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا وَأَشَارَ بِالَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ . قَالَ فِي سُبُلِ السَّلَامِ : الْإِشَارَةُ بِالسَّبَّابَةِ وَرَدَ بِلَفْظِ الْإِشَارَةِ كَمَا هُنَا وَكَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُشِيرُ بِالسَّبَّابَةِ وَلَا يُحَرِّكُهَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَبِابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ . وَعِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَالْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ وَائِلٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفَعَ إِصْبَعَهُ فَرَأَيْتُهُ يُحَرِّكُهَا يَدْعُو بِهَا . قَالَ الْبَيْهَقِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِالتَّحْرِيكِ الْإِشَارَةَ لَا تَكْرِيرَ تَحْرِيكِهَا حَتَّى لَا يُعَارِضَ حَدِيثَ ابْنِ الزُّبَيْرِ . وَمَوْضِعُ الْإِشَارَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَنْوِي بِالْإِشَارَةِ التَّوْحِيدِ وَالْإِخْلَاصِ فِيهِ فَيَكُونُ جَامِعًا فِي التَّوْحِيدِ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ وَالِاعْتِقَادِ وَلِذَلِكَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْإِشَارَةِ بِالْإِصْبَعَيْنِ . وَقَالَ أَحِّدْ أَحِّدْ لِمَنْ رَآهُ بِإِصْبَعَيْهِ انْتَهَى . وَيَجِيءُ بَاقِي بَحْثِ الْإِشَارَةِ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . ( عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ ) وَيَأْتِي حَدِيثُهُ بَعْدَ ذَلِكَ ( لَمْ يَذْكُرِ التَّوَرُّكَ ) فِي التَّشَهُّدِ الْآخِرِ وَكَذَا لَمْ يَذْكُرْ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ ( وَذَكَرَ ) عُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ حَدِيثَهُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ التَّوَرُّكِ ( نَحْوَ حَدِيثِ فُلَيْحٍ ) بْنِ سُلَيْمَانَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ التَّوَرُّكِ ( وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ ) رِوَايَتَهُ الْمُتَقَدِّمَةَ ( نَحْوَ جِلْسَةِ حَدِيثِ فُلَيْحٍ وَعُتْبَةَ ) يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ الْحُرِّ وَفُلَيْحَ بْنَ سُلَيْمَانَ وَعُتْبَةَ بْنَ أَبِي حَكِيمٍ كُلُّهُمْ ذَكَرُوهُ فِي رِوَايَتِهِمْ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ مَجْلِسُ الصَّحَابَةِ وَاجْتِمَاعِهِمْ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ لَكِنْ لَيْسَ فِي رِوَايَتِهِمْ ذِكْرُ التَّوَرُّكِ مَعَ أَنَّ ذِكْرَ التَّوَرُّكِ مَحْفُوظٌ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ( وَإِذَا سَجَدَ فَرَّجَ بَيْنَ فَخِذَيْهِ ) أَيْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا ( غَيْرَ حَامِلٍ ) غَيْرَ وَاضِعٍ ( بَطْنَهُ ) بِالنَّصْبِ مَفْعُولُ حَامِلٍ ( فَلَمْ أَحْفَظْهُ ) أَيْ حَدِيثَ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ وَهَذِهِ مَقُولَةُ فُلَيْحٍ ( فَحَدَّثَنِيهِ ) أَيْ ذَلِكَ الْحَدِيثَ هَذَا أَيْضًا مِنْ مَقُولَةِ فُلَيْحٍ أَيْ قَالَ فُلَيْحٌ فَلَمَّا نَسِيتُ حَدِيثَ عَبَّاسٍ فَحَدَّثَنِي بِهِ ( أُرَاهُ ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ أَظُنّهُ ( ذَكَرَ ) فُلَيْحٌ وَقَوْلُهُ أُرَاهُ ذَكَرَ هَذِهِ مَقُولَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ كَأَنَّهُ شُكَّ فِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ ( عِيسَى بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ) هَذَا مَفْعُولُ ذَكَرَ أَيْضًا وَفَاعِلُ حَدَّثَنِي أَيْضًا ، وَالْمَعْنَى يَقُولُ ابْنُ الْمُبَارَكِ أَنَا أَظُنُّ أَنَّ فُلَيْحًا سَمَّى مُحَدِّثَهُ وَشَيْخَهُ عِيسَى بْنَ عَبْدِ اللَّهِ
( أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ ) بِضَمِّ الْجِيمِ قَبْلَ الْمُهْمَلَةِ الْأَوْدِيُّ الْكُوفِيُّ عَنْ أَنَسٍ وَأَبِي حَازِمٍ الْأَشْجَعِيِّ وَعَطَاءٍ وَطَائِفَةٍ وَعَنْهُ ابْنُ عَوْنٍ وَإِسْرَائِيلُ وَشَرِيكٌ وَآخَرُونَ وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ ( وَقَعَتَا رُكْبَتَاهُ ) هَكَذَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ الْحَاضِرَةِ عِنْدِي وَالظَّاهِرُ وَقَعَتْ رُكْبَتَاهُ بِإِفْرَادِ الْفِعْلِ لَكِنَّهُ عَلَى لُغَةِ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا : وَأَكَلُونِي الْبَرَاغِيثُ ( قَبْلَ أَنْ تَقَعَا كَفَّاهُ ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ تَقَعُ ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ وَضْعِ الرُّكْبَتَيْنِ قَبْلَ الْيَدَيْنِ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَتِ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ وَقَالَ بِهِ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ . وَذَهَبَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ حَزْمٍ إِلَى اسْتِحْبَابِ وَضْعِ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الرُّكْبَتَيْنِ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ ، وَرَوَى الْحَازِمِيُّ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ أَدْرَكْتُ النَّاسَ يَضَعُونَ أَيْدِيَهُمْ قَبْلَ رُكَبِهِمْ : قَالَ ابْنُ دَاوُدَ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَبْرُكُ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ وَلْيَضَعْ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ أَخْرَجَهُ الثَّلَاثَةُ . قَالَ الْحَافِظُ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ : وَهُوَ أَقْوَى مِنْ حَدِيثِ وَائِلٍ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَجَدَ وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ ، أَخْرَجَهُ الْأَرْبَعَةُ فَإِنَّ لِلْأَوَّلِ شَاهِدًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ صَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ مُعَلَّقًا مَوْقُوفًا انْتَهَى . وَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَبْسُوطًا فِي بَابِ كَيْفَ يَضَعُ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ ( فَلَمَّا سَجَدَ وَضَعَ جَبْهَتَهُ بَيْنَ كَفَّيْهِ ) وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ وَائِلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ فَوَضَعَ وَجْهَهُ بَيْنَ كَفَّيْهِ وَفِي الْبُخَارِيِّ فِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ لَمَّا سَجَدَ وَضَعَ كَفَّيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ قُلْتُ : الْأَمْرُ فِيهِ وَاسِعٌ ( وَجَافَى عَنْ إِبْطَيْهِ ) مِنْ الْمُجَافَاةِ وَهُوَ الْمُبَاعَدَةُ مِنَ الْجَفَاءِ وَهُوَ الْبُعْدُ عَنِ الشَّيْءِ ( وَفِي حَدِيثِ أَحَدِهِمَا ) أَيْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ وَشَقِيقٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ مَقُولَةِ هَمَّامٍ ( وَأَكْبَرُ عِلْمِي أَنَّهُ حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ وَإِذَا نَهَضَ ) وَالْمَعْنَى أَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ ـ أَيْ إِذَا نَهَضَ نَهَضَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ إِلَخْ ـ هِيَ فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ أَوْ شَقِيقٍ ـ لَا أَحْفَظُ ـ لَكِنْ أَكْبَرُ عِلْمِي وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْيَقِينِ أَنَّهَا فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ وَيَأْتِي هَذَا الْحَدِيثُ فِي بَابِ كَيْفَ يَضَعُ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ ( وَإِذَا نَهَضَ ) : أَيْ قَامَ ( نَهَضَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَى فَخِذَيْهِ ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ عَلَى فَخِذِهِ بِالْإِفْرَادِ . قَالَ فِي النَّيْلِ : الَّذِي فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ عَلَى فَخِذِهِ بِلَفْظِ الْإِفْرَادِ ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ رَسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ بِالْإِفْرَادِ أَيْضًا وَقَالَ هَكَذَا الرِّوَايَةُ ثُمَّ قَالَ وَفِي رِوَايَةٍ أَظُنُّهَا لِغَيْرِ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي أَبَا دَاوُدَ عَلَى فَخِذَيْهِ بِالتَّثْنِيَةِ وَهُوَ اللَّائِقُ بِالْمَعْنَى ، وَرَوَاهُ أَيْضًا أَبُو دَاوُدَ فِي بَابِ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ بِالْإِفْرَادِ . قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ : وَلَعَلَّ الْمُرَادَ التَّثْنِيَةُ كَمَا فِي رُكْبَتَيْهِ انْتَهَى . قُلْتُ : النُّسَخُ الْمَوْجُودَةُ عِنْدِي مُخْتَلِفَةٌ هَاهُنَا فَفِي بَعْضِهَا بِالْإِفْرَادِ وَفِي بَعْضِهَا بِالتَّثْنِيَةِ وَكَذَا فِي بَابِ كَيْفَ يَضَعُ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ مُخْتَلِفَةٌ أَيْضًا . وَفِي قَوْلِهِ نَهَضَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَى فَخِذَيْهِ دَلَالَةٌ عَلَى النُّهُوضِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ وَالِاعْتِمَادِ عَلَى الْفَخِذَيْنِ لَا عَلَى الْأَرْضِ وَيَأْتِي بَحْثُهُ . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : كُلَيْبٌ وَالِدُ عَاصِمٍ هُوَ كُلَيْبُ بْنُ شِهَابٍ الْجَرْمِيُّ الْكُوفِيُّ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا وَلَمْ يُدْرِكْهُ