‌‌"‌‌باب" حديث: "أربعة كلهم يدلي على الله القيامة بحجة وعذر رجل مات في الفترة...."236

السنة لابن ابي عاصم

‌‌"‌‌باب" حديث: "أربعة كلهم يدلي على الله القيامة بحجة وعذر رجل مات في الفترة...."236

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا الحسن بن موسى حدثنا حماد بن سلمة عن علي ين زيد عن أبي رافع عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أربعة كلهم يدلي على الله يوم القيامة بحجة وعذر رجل مات في الفترة ورجل أدركه الإسلام هرما ورجل أصم أبكم ورجل معتوه فيبعث الله إليهم ملكا رسولا فيقول اتبعوه فيأتيهم الرسول فيؤجج لهم نارا ثم يقول اقتحموها فمن اقتحمها كانت عليه بردا وسلاما ومن لا حقت عليه كلمة العذاب"

اللهُ سُبحانه وتعالى حكَمٌ عدْلٌ، ويُقِيمُ الحُجَّةَ على عِبادِه في الدُّنيا والآخرةِ؛ فمَن أطاعه دخَلَ الجنَّةَ، ومَن عصاهُ دخَلَ النَّارَ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "أربعةٌ كلُّهم يُدْلِي على اللهِ يومَ القيامةِ"، أي: يُعْرَضون على اللهِ عزَّ وجلَّ يومَ الحسابِ ويَقدَمون إليه، "بحُجَّةٍ وعُذْرٍ"، أي: لكلِّ واحدٍ منهم حُجَّةٌ وعذْرٌ في عدَمِ الإيمانِ والقيامِ بالواجباتِ الشَّرعيَّةِ؛ الأوَّلُ: "رجلٌ مات في الفترةِ"، والمرادُ بها: الزَّمنُ الَّذي لم يَبعَثْ فيه اللهُ عزَّ وجلَّ رسولًا أو نبيٍّا، فيُبلِّغُ رسالتَه، والثَّاني: "ورجلٌ أدركَهُ الإسلامُ هرَمًا"، أي: الَّذي أتى عليه الإسلامُ وهو عجوزٌ لا يَعقِلُ حتَّى مات، والثَّالثُ: "ورجلٌ أصَمُّ أبكمُ"، أي: لا يتكلَّمُ ولا يَسمَعُ، فعجَزَ عن معرفةِ الإسلامِ، والرَّابعُ: "ورجلٌ مَعتوهٌ"، أي: مجنونٌ، "فيَبعَثُ اللهُ إليهم مَلَكًا رسولًا"، وفي رِوايةِ ابنِ حبَّانَ: "فيأخُذُ مواثيقَهم لَيُطِيعُنَّه"، أي: يأخُذُ العهدَ منهم إنْ أرسَلَ فيهم رسولًا أنْ يتَّبِعوه، ثمَّ يُرسِلُ لهم الرَّسولَ لامتحانِهم واختبارِهم، "فيقولُ"، أي: لهؤلاء النَّفرِ: "اتَّبِعوه"، أي: أطِيعوا رسولَكم الَّذي أرسلْتُه فيكم، "فيأْتيهم الرَّسولُ، فيُؤجِّجُ لهم نارًا"، أي: يُوقِدُها مِن أجْلِهم، "ثمَّ يقولُ"، أي: الرَّسولُ لهؤلاء النَّفرِ: "اقْتَحِموها"، أي: ادْخُلوا فيها، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "فمَن اقتَحَمَها"، أي: أجاب الرَّسولَ ودخَلَ النَّارَ، "كانت عليه بَرْدًا وسلامًا"، فلا يجِدُ لها حَرًّا ولا سُوءًا، وذلك جزاءُ طاعتِه، "ومَن لا"، أي: امتنَعَ وعصَى خوفًا منها، "حقَّتْ عليه كلمةُ العذابِ"، أي: عُذِّبَ جزاءَ مَعصيتِه.
وفي الحَديثِ: أنَّ مَن لم تَبْلُغْه الدَّعوةُ يُمتَحَنُ في الآخِرَةِ.