"باب: في ذكر أطفال المشركين"121
السنة لابن ابي عاصم

ثنا هدبة ثنا حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار قال: قال ابن عباس: أتى علي زمان وأنا أقول:
أطفال المشركين مع المشركين وأطفال المسلمين مع المسلمين حتى حدثني فلان عن فلان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عنهم فقال: "الله أعلم بما كانوا عاملين". فلقيت فلانا فحدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم فأمكست
خَلَقَ الله سبحانه كُلَّ شيءٍ وقَدَّرَه وكَتَبه عِندَه، وقَدَّرَ للجَنَّةِ أهْلَها، وللنَّارِ أهْلَها، ورُبَّما أَشكَلَ على الصَّحابةِ رِضوانُ اللهِ عليهم مسائِلُ؛ فيَرجِعونَ بها على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ليُفتيَهم.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ الله بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُئل عن أولادُ المشركينَ الَّذين ماتوا في صِغَرِهم قبْلَ أنْ يَبلغوا ويَجريَ عليهمُ القلَمُ: هل يَدخلونَ الجنَّةَ أمْ لا؟ فأجاب بأنَّ الله يَعلَمُ حينَ خلَقَهم لو بلَغوا وكَبِروا كيْفَ كانوا سيَعملون، هلْ يُسْلِمونَ أمْ يَكونونَ على دِينِ آبائِهم، فيُجازِيهم بما عَلِم أنَّهُم كانوا سيَفعَلونه لو عاشُوا. وقيل: معناه أنَّ أمْرَهم مُفَوَّضٌ إلى عِلمِ اللهِ تعالَى بحسَبِ عِلمِه بما كانوا عامِلينَ. وقولُه في هذا الحَديثِ: «اللهُ أعلَمُ بما كانوا عامِلينَ» لا يَتنافَى مع القَولِ بامتِحانِ أطْفالِ المشركينَ يومَ القِيامةِ، ويُمكِنُ جُعْلُه دَليلًا على الامتحانِ؛ لأنَّ اللهَ يَعلَمُ ما كانوا عامِلينَ، أي: إنْ نجَحوا وآمَنوا ساعةَ الامتحانِ يومَ القِيامةِ فاللهُ تعالَى سيُدخِلُهمُ الجنَّةَ، وإنْ كفَروا وعَصَوُا اللهَ تعالَى سيُدخِلُهمُ النَّارَ. وذهَبَ بَعضُ أهلِ العِلمِ إلى أنَّ أطفالَ المشركينَ في الجنَّةِ؛ لقولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الحديثِ المتَّفَقِ عليه: «كلُّ مَولودٍ يُولَدُ على الفِطرةِ»، وذهب بعضُهم إلى التوقُّفِ في الحُكمِ على أطْفالِ المشرِكينَ، وفي المسألةِ خِلافٌ مشهورٌ، والعِلمُ عِندَ اللهِ تعالَى.