"باب: ذكر القلم أنه أول ما خلق الله تعالى وما جرى به القلم"

حدثني محمود بن خالد، ثنا مروان بن محمد، ثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن الوليد بن عبادة، عن أبيه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " أول ما خلق الله تعالى القلم، فقال له: اكتب. قال: وما أكتب يا رب؟ قال: اكتب القدر. قال: وكتب ما هو كائن ".
كان الصحابة رضي الله عنهم يعلمون أبناءهم ومن بعدهم أمور العقيدة ومسائلها؛ حتى يكون الإيمان في قلوبهم على أكمل وجه لا يشوبه من أمراض القلوب شيء
وفي هذا يقول عبادة بن الصامت رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أول ما خلق الله القلم"، وهو أداة الكتابة للمقادير التي يأمره الله بها، "فقال له: اكتب، قال: رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة"، أي: إن الله أمره أن يكتب مقادير كل شيء في الكون بالطريقة والكيفية التي أمره الله أن يكتب بها ما أراد الله إيجاده إلى يوم القيامة، قال عبادة: "يا بني، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من مات على غير هذا"، أي: على غير الإيمان بالقضاء والقدر، "فليس مني"، أي: فإنه ليس مؤمنا بالعقيدة التي جاء بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وقد حدث عبادة رضي الله عنه ابنه بهذا الحديث بعدما أوصاه بقوله: "يا بني، إنك لن تجد طعم حقيقة الإيمان"، أي: كماله ولذته في القلب، "حتى تعلم"، أي: تؤمن وتسلم، "أن ما أصابك"، أي: من نعمة أو ابتلاء، "لم يكن ليخطئك"، أي: يجاوزك ويتعداك إلى غيرك، "وما أخطأك"، أي: مما أنعم به أو ابتلي به غيرك، "لم يكن ليصيبك"، أي: يتعدى صاحبه ليأتيك.
وفي الحديث: بيان العقيدة الصحيحة في الإيمان بالقدر، وأن من أنكرها فليس من النبي صلى الله عليه وسلم.
وفيه: الحث على التوكل على الله تعالى والرضا بقدره، ونفي الحول والقوة، وملازمة القناعة، والصبر على المصائب.