باب ما يقال في حال غسل الميت وتكفينه

باب ما يقال في حال غسل الميت وتكفينه

قلت: ويحتج للدعاء في الرابعة بما روينا في " السنن الكبرى " للبيهقي، عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما، أنه كبر على جنازة ابنه له أربع تكبيرات، فقام بعد الرابعة كقدر ما بين التكبيرتين يستغفر لها ويدعو، ثم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع هكذا (1) ".
وفي رواية: كبر أربعا فمكث ساعة حتى ظننا أنه سيكبر خمسا ثم سلم عن يمينه وعن شماله، فلما انصرف قلنا له: ما هذا؟ فقال: إني لا أزيدكم على ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع، أو هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الحاكم أبو عبد الله: هذا حديث صحيح (2) .

كان الصحابة رضي الله عنهم حريصين على تتبع أفعال النبي صلى الله عليه وسلم لتعلم الدين وتبليغه لمن بعدهم
وفي هذا الخبر يقول التابعي إبراهيم بن مسلم الهجري: "صليت مع عبد الله بن أبي أوفى الأسلمي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة ابنة له"، والجنازة: اسم للميت في النعش، " فكبر عليها أربعا، فمكث بعد الرابعة شيئا"، أي: انتظر بعد التكبيرة الرابعة يدعو للميت، وفي رواية: "ثم صلى عليها فكبر أربعا، ثم قام بعد الرابعة قدر ما بين التكبيرتين يستغفر لها ويدعو"، قال: "فسمعت القوم يسبحون به من نواحي الصفوف"، أي: ينبهونه ليسلم لعله سها، "فسلم ثم قال: أكنتم ترون أني مكبر خمسا؟ قالوا: تخوفنا ذلك، قال: لم أكن لأفعل، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر أربعا ثم يمكث ساعة"، أي: وقتا، "فيقول ما شاء الله أن يقول ثم يسلم"، أي: يدعو بعد التكبيرة بما شاء الله له أن يدعو به.
والمقصود من الصلاة على الميت الدعاء والاستغفار له، وقد وردت أدعية متعددة عن النبي صلى الله عليه وسلم تقال في صلاة الجنازة، والأفضل أن يدعو المصلي بهذه الأدعية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن دعا بغيرها فلا حرج عليه، ويدل عليه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء"، فلا يتعين دعاء مخصوص من هذه الأدعية الواردة، ويكون الدعاء للميت بعد التكبيرة الثالثة، ويدعو سرا بأحسن ما يحضره، ولكن عليه أن يخلص الدعاء للميت.
وفي الحديث: بيان حرص الصحابة على اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
وفيه: بيان مشروعية الدعاء للميت بعد التكبيرة الرابعة