باب ما يقول من سمع المؤذن والمقيم

باب ما يقول من سمع المؤذن والمقيم

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة " رواه البخاري في " صحيحه ".

الدعاء من أفضل العبادات وأجل القربات، وسبب لنيل الخيرات والبركات، وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا من الأدعية المباركة، وأوصى بها في أوقات أو أحوال مخصوصة وبين عظم ثوابها، وفي هذا الحديث يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من قال عقب سماعه للأذان وانتهاء المؤذن منه: «اللهم رب هذه الدعوة التامة»، أي: ألفاظ الأذان التي يدعى بها إلى عبادة الله تعالى، والمراد بالتامة: الكاملة التي لا يدخلها تغيير ولا تبديل، بل هي باقية إلى يوم القيامة. «والصلاة القائمة»، أي: الدائمة، أعط محمدا «الوسيلة»، وهي المنزلة العالية في الجنة التي لا تنبغي إلا له صلى الله عليه وسلم، «والفضيلة»، وهي المرتبة الزائدة على سائر المخلوقين، ويحتمل أن تكون الفضيلة منزلة أخرى، وابعث النبي صلى الله عليه وسلم مقاما محمودا، وهي المنزلة يوم القيامة التي يحمده لأجلها جميع أهل الموقف، وهو مقام الشفاعة العظمى، الذي وعدته، أي: ذلك المقام الذي ذكرته في كتابك بقولك: {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [الإسراء: 79]. ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم الجزاء لمن قال هذا الدعاء، وهو أنه استوجب واستحق شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، وشفاعته صلى الله عليه وسلم تكون للمذنبين، أو في إدخال الجنة من غير حساب، أو رفع الدرجات يوم القيامة؛ كل بحسب حاله.
وفي الحديث: فضل هذا الذكر بعد الأذان، والحض على الدعاء في أوقات الصلاة حين تفتح أبواب السماء للرحمة.
وفيه: إثبات الشفاعة العظمى للنبي صلى الله عليه وسلم.