حديث أبي أمامة الباهلي الصدي بن عجلان بن عمرو ويقال: ابن وهب الباهلي، عن النبي صلى الله عليه وسلم 18

مسند احمد

حديث أبي أمامة الباهلي الصدي بن عجلان بن عمرو ويقال: ابن وهب الباهلي، عن النبي صلى الله عليه وسلم 18

حدثنا حجاج قال: سمعت شعبة يحدث، عن قتادة، وهاشم قال: حدثني شعبة، أخبرنا قتادة قال: سمعت أبا الجعد يحدث، قال: هاشم في حديثه أبو الجعد مولى لبني ضبيعة، عن أبي أمامة، أن رجلا من أهل الصفة توفي وترك دينارا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم له: «كية» . قال: ثم توفي آخر فترك دينارين. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيتان»

حرَصَ الإسلامُ على المُحافظةِ على حُقوقِ النَّاسِ، ومِن تِلك الحقوقِ: الحُقوقُ الماليَّةُ، فأمَرَ بقضاءِ الدِّيونِ وعدَمِ المُماطَلةِ فيها
وفي هذا الحديثِ بَيانٌ لِما كان يفعَلُه النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مع الميِّتِ الَّذي ماتَ وعليه دَينٌ؛ حيثُ يَروي جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنهما، أنَّه: "كان النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا يُصَلِّي على رجُلٍ عليه دَينٌ"، أي: مات وعليه دَينٌ ولم يترُكْ له وَفاءً يُقْضى به، فإنْ حدَثَ أنَّه ترَكَ وَفاءً صَلَّى عليه، وهذا من التَّغليظِ في أمْرِ الدِّيونِ، ولمَّا كانت صَلاتُه عليه السَّلامُ رحمةً للميِّتِ، ففي عدَمِ صَلاتِه عليه أشدُّ التَّحذيرِ للأحياءِ من التَّهاونِ في هذا الأمْرِ، وليُحرِّضَ النَّاسَ على قضاءِ الدِّيونِ في حياتِهم، والتَّوصُّلِ إلى البَراءةِ منها؛ لئلَّا تفوتُهم صَلاةُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
قال جابرٌ رضِيَ اللهُ عنه: "فأُتِيَ بميِّتٍ"، أي: للصَّلاةِ عليه، "فسأَلَ"، أي: النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "أعليه دَينٌ؟" قال أصحابُه: "نعمْ، عليه دِينارانِ"، فقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "صَلُّوا على صاحبِكم"، قال أبو قتادةَ الأنصاريُّ رضِيَ اللهُ عنه: "هما عليَّ يا رسولَ اللهِ"، أي: أُلْزِمُ نفْسي بقضاءِ هذا الدَّينِ الَّذي على الميِّتِ، قال جابرٌ رضِيَ اللهُ عنه: "فصَلَّى عليه. فلمَّا فتَحَ اللهُ على رسولِه"، أي: لمَّا جاءته الأموالُ من الغنائمِ والخُمسِ وما أفاء اللهُ عليه، "قال: أنا أوْلى بكلِّ مُؤمنٍ من نفْسِه"، أي: أنا أحقُّ بهم وأقرَبُ إليهم، وقيل: معنى الولايةِ النُّصرةُ والتَّوليةُ، أي: أنا أتولَّى أُمورَهم بعدَ وَفاتِهم وأنصُرُهم فوقَ ما كانوا منهم لوْ عاشُوا، فأنا أوْلى في كلِّ شَيءٍ من أُمورِ الدِّينِ والدُّنيا، "مَن ترَكَ دَينًا فعليَّ"، أي: مَن مات وعليه دَينٌ ولم يترُكْ لها قضاءً من مالِه وترِكَتِه، فدِيونُه أقضيها عنه، وكان يُصَلِّي عليه، "ومَن ترَكَ مالًا فلورثتِه"، أي: يُوزَّعُ بينهم بحسَبِ الأنصبةِ الشَّرعيَّةِ
وفي الحديثِ: بَيانُ شَفقةِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على المُسلمين
وفيه: التأكيدُ على قَضاءِ الدُّيونِ وعدَمِ التأخُّرِ في أداءِ الحقوقِ لأهلِها، وكذلك التحذير من عدَمِ ترْكِ وفاءٍ لها بعدَ الموتِ