حديث أبي رافع
مسند احمد

حدثنا هارون بن معروف، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو، أن بكيرا حدثه، أن الحسن بن علي بن أبي رافع حدثه، عن أبي رافع أنه قال: كنت في بعث مرة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اذهب فائتني بميمونة» ، فقلت: يا نبي الله، إني في البعث، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألست تحب ما أحب؟» ، قلت: بلى يا رسول الله، قال: «اذهب فائتني بها» ، فذهبت فجئته بها
أمَر اللهُ تعالى بطاعةِ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فطاعَتُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن طاعةِ اللهِ، وكان الصَّحابةُ يَحرِصونَ على طاعَتِه ويُحِبُّونَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حُبًّا شَديدًا، ومِن كَمالِ حُبِّهم له مَحَبَّتُهم لِما يُحِبُّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وتَقديمُ طاعَتِه على أيِّ شَيءٍ آخَرَ
وفي الحَديثِ نَموذَجٌ مِن نَماذِجِ مَحَبَّةِ الصَّحابةِ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ يَقولُ أبو رافِعٍ رَضيَ اللهُ عنه، وهو مَولى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: كُنتُ في بَعثٍ مَرَّةً. والبَعثُ: الجَيشُ، أي: أنَّه كان خارِجًا مَعَ الجَيشِ الذينَ كان يُرسِلُهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. فقال له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: اذهَبْ فأتِني بمَيمونةَ، أي: اذهَبْ وأحضِرْ لي مَيمونةَ بنتَ الحارِثِ، وهيَ زَوجةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وذلك عِندَما عَقدَ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على مَيمونةَ وأرادَ مِن أبي رافِعٍ أن يُحضِرَها له بَعدَ رُجوعِه مِن مَكَّةَ؛ فقد كان أبو رافِعٍ هو الرَّسولَ بَينَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وبَينَ مَيمونةَ، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَعدَ انتِهائِه مِن عُمرةِ القَضاءِ وعَزمِه على الخُروجِ مِن مَكَّةَ كَلَّف أبا رافِعٍ بإتيانِه بمَيمونةَ مِن مَكَّةَ ليُلحِقَها به. فقال أبو رافِعٍ: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي في البَعثِ، أي: أنَّه اعتَذَرَ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأنَّه خارِجٌ مَعَ الجَيشِ. فقال له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ألستَ تُحِبُّ ما أحِبُّ؟ أي: ألَيسَ يا أبا رافِعٍ أنَّك تُحِبُّ الشَّيءَ الذي أُحِبُّه وتوافِقُني عليه. فقال أبو رافِعٍ: بَلى يا رَسولَ اللهِ، أي: هو كذلك؛ فأنا أحِبُّ ما تُحِبُّه. فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: اذهَبْ فأتِني بمَيمونةَ، أي: فإذا كُنتَ تُحِبُّ ما أحِبُّ فاذهَبْ وأحضِرْ لي مَيمونةَ؛ فأنا أحِبُّ هذا الشَّيءَ. قال أبو رافِعٍ: فذَهَبتُ فجِئتُه بها، أي: أنَّه رَضيَ اللهُ عنه امتَثَلَ أمرَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وذَهَبَ وأحضَرَ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زَوجَتَه مَيمونةَ رَضيَ اللهُ عنها
وفي الحَديثِ مَشروعيَّةُ استِعانةِ الإمامِ بأحَدِ رَعيَّتِه في خِدمَتِه
وفيه مَشروعيَّةُ مُراجَعةِ الإمامِ في الأمرِ؛ إذ لَعَلَّه يُغَيِّرُ رَأيَه
وفيه ما كان عليه الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم مِن مَحَبَّتِهم لما يُحِبُّه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
وفيه فضلُ أبي رافِعٍ رَضيَ اللهُ عنه