‌‌حديث حمزة بن عمرو الأسلمي4

مسند احمد

‌‌حديث حمزة بن عمرو الأسلمي4

حدثنا عتاب، قال: حدثنا عبد الله، وعلي بن إسحاق، قال: أخبرنا عبد الله (1) يعني ابن المبارك، قال: أخبرنا أسامة بن زيد، قال: أخبرني محمد بن حمزة، أنه سمع أباه، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " على ظهر كل بعير شيطان، فإذا ركبتموها فسموا الله عز وجل، ثم لا تقصروا عن حاجاتكم "

أخبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن جُملةٍ من الآدابِ الَّتي هي سَبَبٌ للسَّلامةِ من إيذاءِ الشَّيْطانِ، ومِن هذه الآدابِ ما ورَدَ في هذا الحديثِ، وفيه يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "على ظَهرِ كُلِّ بَعيرٍ شَيْطانٌ"، أي: إنَّ فَوقَ كُلِّ جَمَلٍ شَيْطانًا، يَحمِلُهُ على النُّفورِ؛ لِيُوقِعَ الأذَى بصاحِبِهِ الآدَميِّ الَّذي هو عَدُوُّ الشَّيْطانِ، ويَحتَمِلُ أنَّ النُّفورَ والشَّرَّ من طَبْعِ الإبِلِ، فهي إذا نَفَرَتْ صارَتْ كأنَّ على ظَهْرِها شَيْطانًا، ويَحتَمِلُ المُرادُ: أنَّ فيها صِفةً شَيْطانيَّةً من النُّفورِ والشُّرودِ، ويجوزُ كَونُ الخَبَرِ بمَعْنى العِزِّ والفَخْرِ والكِبْرِ والعُجبِ؛ لأنَّها من أجَلِّ الأمْوالِ، ومَن كَثُرَتْ عِندَهُ لم يُؤمَنْ عليه العُجبُ، وهو سَبَبٌ من أسْبابِ الكِبْرِ، وهو صِفةُ الشَّيْطانِ، فالمَعْنى على ظَهرِ كُلِّ بَعيرٍ سَبَبٌ يَتولَّدُ منه الكِبرُ، "فإذا رَكِبتُموها فسَمُّوا اللهَ" كما هو مَعْهودٌ عِندَ البَدءِ في أيِّ أمْرٍ، وعِندَ رُكوبِ الدَّابَّةِ، وهو ذِكرُ اسْمِ اللهِ عليه، ويُضافُ إليه هُنا قَصدُ زَوالِ الشَّرِّ الَّذي رُبَّما يكونُ على الإبِلِ المَرْكوبةِ، "ثُمَّ لا تُقصِّروا عن حاجاتِكُم"، بمَعْنى: إذا عَلِمتُم ذلِكَ، وذَكَرتُمُ اللهَ، فلا يُقصِّرْكم ويَمنَعْكم أنْ تَبلَغوا عليها حاجَتَكُم وشُؤونَكُم؛ لأجْلِ الشَّيْطانِ الَّذي عليها، أو المعاني الَّتي تُربَطُ بها.

وفي الحديثِ: بَيانُ قُدْرةِ اللهِ على تَسْخيرِ الدَّوابِّ، وجَميعِ المَخْلوقاتِ لِمَن يَشاءُ مِن خَلقِهِ.