‌‌حديث عويم بن ساعدة

مسند احمد

‌‌حديث عويم بن ساعدة

حدثنا حسين بن محمد، حدثنا أبو أويس، حدثنا شرحبيل، عن عويم بن ساعدة الأنصاري، أنه حدثه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاهم في مسجد قباء فقال: " إن الله تبارك وتعالى قد أحسن عليكم الثناء في الطهور (2) في قصة مسجدكم، فما هذا الطهور الذي تطهرون به؟ " قالوا: والله يا رسول الله، ما نعلم شيئا إلا أنه كان لنا جيران من اليهود، فكانوا يغسلون أدبارهم من الغائط فغسلنا كما غسلوا

أمَرَ الشَّرعُ الحنيفُ بالطَّهارةِ والتَّنظُّفِ، وعلَّمَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُمَّتَه أُمورَها كلَّها، حتَّى علَّمَها كيفيَّةَ الاستنجاءِ من الغائطِ والبولِ والتَّطهُّرِ بالماءِ.
وفي هذا الحديثِ يُخْبِرُ أبو أيُّوبَ الأنصاريُّ، وجابرُ بنُ عبدِ اللهِ، وأنسُ بنُ مالكٍ رضِيَ اللهُ عنهم: أنَّ هذه الآيةَ: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108]، نزَلَتْ في الأنصارِ الَّذين كانوا يُصَلُّون في مَسجِدِ قباءٍ، وأنَّها لَمَّا نَزَلَتْ قال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "يا معشرَ الأنصارِ، إنَّ اللهَ قد أثْنى عليكم"، أي: مدَحَكم، "في الطُّهورِ"، أي: بسبَبِ تَطهُّرِكم؛ "فما طُهورُكم؟"، أي: كيف هو طُهورُكم؟ "قالوا: نتوضَّأُ للصَّلاةِ، ونغتسِلُ من الجَنابةِ، ونَسْتنجي بالماءِ"، أي: نغسِلُ أجسادَنا بالماءِ بعد الجَنابةِ، ونغسِلُ الأعضاءَ بعدَ التَّبوُّلِ والغائطِ بعد قضاءِ الحاجةِ، "قال: فهو ذاك؛ فعَلَيْكُموه"، أي: فالْزَمُوه ولا تَتْرُكوه، وهكذا أثْنى اللهُ عليهم وذكَرَهم بحُبِّ التَّطهُّرِ وأنَّه يُحِبُّهم لذلك، باكتِمالِ أنواعِ الطَّهارةِ عندهم، وتَوجيهُ الخطابِ للأنصارِ يُفيدُ أنَّ أغلَبَ المُهاجرينَ كانوا يَكْتفونَ في الاستنجاءِ بالأحجارِ فقط في الطُّهورِ، وقد كان النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحافِظُ على الطَّهارةِ بالماءِ؛ فعند ابنِ ماجَه حديثًا عن عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها، أنَّها قالت: "ما رأيتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خرَجَ من غائطٍ قطُّ إلَّا مَسَّ ماءً"، أي: اسْتَنْجى به، أو توضَّأَ بعد الانتهاءِ مِن قَضاءِ حاجتِه، وجميعُ أهلِ العلمِ يَخْتارونَ الاستنجاءَ بالماءِ مع جَوازِ الاكتِفاءِ بالأحجارِ؛ للاستطابةِ والتَّخلُّصِ من فَضلاتِ الغائطِ.
وفي الحديثِ: الحثُّ على الطَّهارةِ والنَّظافةِ بالماءِ من الأدرانِ والأقذارِ.