حديث معاذ بن جبل 7
مسند احمد

حدثنا بهز، حدثنا شعبة، حدثنا قيس بن مسلم، قال: سمعت أبا رملة، يحدث عن عبيد الله بن مسلم، عن معاذ بن جبل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أوجب ذو الثلاثة» فقال له معاذ: وذو الاثنين؟ قال: «وذو الاثنين»
الولَدُ قُرَّةُ عَينِ والِدَيْه، وقدْ جبَلَ اللهُ سُبحانه الإنسانَ على حُبِّ ذُرِّيَّتِه، وقد جَعَل سُبحانَه لِمَن صَبَر على مَوتِ وَلدِه جَزاءً عَظيمًا، وللأُمِّ التي تصبِرُ على الجَنينِ السِّقْطِ وتحتسبُه فضلٌ خاصٌّ
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي مُعاذُ بنُ جبَلٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أخْبَرَهم أنَّه إذا تُوفِّيَ ثَلاثةٌ مِن الأولادِ لأبَوَينِ مُسلمَينِ، وصَبَرَا على ذلك فَقْدِهم ومَوتِهم؛ طَلبًا للأجْرِ مِن اللهِ تعالَى؛ فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يُدخِلُهما الجنَّةَ برَحْمتِه وفضْلِه، فسَأَله الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم: وإذا ماتَ اثنانِ مِن الأولادِ؟ فأجابَهُم: نعمْ، وإذا ماتَ اثنانِ مِن الأولادِ، ثمَّ سَأَلوه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: وإذا مات واحدٌ يَدخُلُ أبواهُ الجنَّةَ إذا صَبَرا؟ فأجابَهُم: نعمْ، وهذا صَريحٌ في أنَّ لِلواحدِ حُكمَ الاثنَينِ والثَّلاثةِ، ثمَّ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «والَّذي نَفْسي بيَدِه»، وهذا قسَمٌ باللهِ الَّذي رُوحِي أو حَياتي بيَدِه سُبحانَه، وكثيرًا ما كان يُقسِمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بهذا القَسَمِ، «إنَّ السِّقْطَ»، وهو الجَنينُ الَّذي نزَل مِن بَطنِ أُمِّه ميِّتًا قبْلَ اكتِمالِه، ذكَرًا كان أو أُنْثى، «يَجُرُّ أُمَّه بِسَرَرِه إلى الجَنَّةِ»، أي: يَسحَبُها إلى الجنَّةِ بسُرَّتِه، وهو ما يُعرَفُ بالحَبلِ السُّرِّيِّ، وهو الحَبلُ الرَّابِطُ بيْن الجَنينِ وأُمِّه، ويُقطَعُ عندَ الوِلادةِ، «إذا احتَسَبَتْه»، أي: صبَرَت على فَقْدِه ومَوتِه؛ طَلبًا للأجْرِ مِن اللهِ تعالَى؛ فإذا كان السِّقْطُ الَّذي لا يُؤْبَهُ به يَجُرُّ الأُمَّ بما قدْ قُطِعَ مِن العَلاقةِ بيْنهما؛ فكيف الولَدُ المألوفُ الَّذي هو فِلْذةُ الكَبِدِ، وعَظُمَ التعلُّقُ به حتَّى صار أعزَّ مِن نفْسِها؟