ذكر استحباب الاجتهاد في أنواع الطاعات في أيام العشر من ذي الحجة54
صحيح ابن حبان

أخبرنا جعفر بن أحمد1 بن سنان القطان بواسط حدثنا أبي حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير
عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء" 2. [1: 2]
الجِهادُ لا يُساويهِ شَيءٌ مِن الأعمالِ؛ فهو ذِروةُ سَنامِ الإسلامِ، به يُعِزُّ اللهُ المُسلِمين، ويُمكِّنُ في الأرضِ للمُوحِّدين. وفي هذا الحديثِ يَرْوي أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رجُلًا جاء إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وسَأَلَه عن عمَلٍ يُساوي الجهادَ في الأجْرِ والمنزلةِ عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لا أجِدُه»، أي: لا عمَلَ يَعدِلُ الجهادَ، ثمَّ سَأَلَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هلْ تَستطيعُ أنْ تَدخُلَ المسجدَ مِن وَقْتِ خُروجِ المُجاهِدِ، فتُصلِّيَ ولا تَفتُرُ أو تَمَلَّ، وتَصومَ النَّهارَ ولا تُفطِرَ؟ فقال السَّائلُ: ومَن يَستطيعُ مُواصَلةَ الصَّلاةِ والصِّيامِ دائمًا وأبدًا؟! ولا شكَّ أنَّ ذلك أمرٌ لا يَستطيعُه أحَدٌ.
قال أبو هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه مُبيِّنًا فضْلَ الجِهادِ وثَوابَه: «إنَّ فرَسَ المجاهدِ ليَستَنُّ في طِوَلِه»، أي: يَذهَبُ ويَجيءُ في مرَحٍ ونَشاطٍ وهو مَربوطٌ في حَبْلِه، «فيُكتَبُ له حسَناتٍ»، فالحاصلُ أنَّ أجرَ المجاهِدِ في جَميعِ حالاتِه -مِن تَقلُّبِه في تَصرُّفاتِه؛ ومِن أكْلِه ونَومِه، وبَيعِه وشِرائِه لِمَا يَحتاجُهُ- كأجْرِ المُثابرِ على الصَّومِ والصَّلاةِ، وتِلاوةِ كِتابِ اللهِ، الَّذي لا يَفتُرُ، وقَليلٌ مَن يَقدِرُ عليه! وفي الحديثِ: فضْلُ الجِهادِ في سَبيلِ اللهِ والتَّرغيبُ فيه.