‌‌ذكر الإخبار عما يجب على المرء من ترك الاتكال على ما يأتي من الطاعات دون الابتهال إلى الخالق جل وعلا في إصلاح أواخر أعماله69

صحيح ابن حبان

‌‌ذكر الإخبار عما يجب على المرء من ترك الاتكال على ما يأتي من الطاعات دون الابتهال إلى الخالق جل وعلا في إصلاح أواخر أعماله69

أخبرنا الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان قال أخبرنا هشام بن عمار قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا بن جابر قال سمعت أبا عبد رب يقول:
سمعت معاوية يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إنما الأعمال بخواتيمها كالوعاء إذا طاب أعلاه طاب أسفله وإذا خبث أعلاه خبث أسفله"

حَثَّتِ الشَّريعةُ على الإحسانِ في الأعمالِ، وأن يَختِمَ المَرءُ عَمَلَه بكُلِّ ما هو خَيرٌ وصالحٌ؛ فالعِبرةُ بخَواتيمِ الأعمالِ، أي: بما يَكونُ في آخِرِها، فإن كانت خاتِمَتُه صالحةً كان العَمَلُ صالحًا، وإن كانت خاتِمَتُه فاسِدةً كان العَمَل فاسِدًا، يَقولُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: إنَّما الأعمالُ، أي: جَميعُ الأعمالِ، بخَواتيمِها، أي: بما يُختَمُ بها في آخِرِها، كالوِعاءِ، أي: مِثلُها مِثلُ الإناءِ المَملوءِ، إذا طابَ أعلاه، أي: حَسُنَ وعَذُب الجُزءُ الأعلى المَرئيُّ مِنه، طابَ أسفَلُه، أي: صَلَحَ، وإذا خَبُثَ، أي: فسَدَ، أعلاه، خَبُث أسفَلُه، أي: فسَدَ أسفَلُه.

والمَقصودُ أنَّه ضَرَبَ هذا مَثَلًا للعَمَلِ والنِّيَّةِ، وأنَّ النِّيَّةَ إذا صَلَحَت صَلَح العَمَلُ؛ لأنَّها أصلُه وأساسُه، والظَّاهرُ عُنوانُ الباطِنِ؛ لأنَّ المُرائيَ وإن عَمِلَ عَمَلًا صالحًا لَكِن بفسادِ طَويَّتِه لا يَخفى على النَّاظِرِ المُتَأمِّلِ.
وفي الحَديثِ بَيانُ أنَّ الأعمالَ بالخَواتيمِ.
وفيه أهَمِّيَّةُ إحسانِ العَمَلِ وإخلاصِ النِّيَّةِ.
وفيه مَشروعيَّةُ ضَربِ الأمثالِ الحِسِّيَّةِ لتَقريبِ الفَهمِ للسَّامِعينَ .