ذكر البيان بأن المرء يجب أن يعتمد من عمله على آخره دون أوائله70
صحيح ابن حبان

أخبرنا عبد الله بن صالح البخاري ببغداد قال حدثنا الحسن بن علي الحلواني قال حدثنا نعيم بن حماد قال حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن هشام بن عروة عن أبيه
عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إنما الأعمال بالخواتيم" 1
حَثَّتِ الشَّريعةُ على الإحسانِ في الأعمالِ، وأن يَختِمَ المَرءُ عَمَلَه بكُلِّ ما هو خَيرٌ وصالحٌ؛ فالعِبرةُ بخَواتيمِ الأعمالِ، أي: بما يَكونُ في آخِرِها، فإن كانت خاتِمَتُه صالحةً كان العَمَلُ صالحًا، وإن كانت خاتِمَتُه فاسِدةً كان العَمَل فاسِدًا، يَقولُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: إنَّما الأعمالُ، أي: جَميعُ الأعمالِ، بخَواتيمِها، أي: بما يُختَمُ بها في آخِرِها، كالوِعاءِ، أي: مِثلُها مِثلُ الإناءِ المَملوءِ، إذا طابَ أعلاه، أي: حَسُنَ وعَذُب الجُزءُ الأعلى المَرئيُّ مِنه، طابَ أسفَلُه، أي: صَلَحَ، وإذا خَبُثَ، أي: فسَدَ، أعلاه، خَبُث أسفَلُه، أي: فسَدَ أسفَلُه. والمَقصودُ أنَّه ضَرَبَ هذا مَثَلًا للعَمَلِ والنِّيَّةِ، وأنَّ النِّيَّةَ إذا صَلَحَت صَلَح العَمَلُ؛ لأنَّها أصلُه وأساسُه، والظَّاهرُ عُنوانُ الباطِنِ؛ لأنَّ المُرائيَ وإن عَمِلَ عَمَلًا صالحًا لَكِن بفسادِ طَويَّتِه لا يَخفى على النَّاظِرِ المُتَأمِّلِ.
وفي الحَديثِ بَيانُ أنَّ الأعمالَ بالخَواتيمِ.
وفيه أهَمِّيَّةُ إحسانِ العَمَلِ وإخلاصِ النِّيَّةِ.
وفيه مَشروعيَّةُ ضَربِ الأمثالِ الحِسِّيَّةِ لتَقريبِ الفَهمِ للسَّامِعينَ .