ذكر الخبر الدال على أن الرحمة لا تكون إلا في السعداء189
صحيح ابن حبان

أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا محمد بن كثير قال حدثنا شعبة قال كتب إلي منصور وقرأته عليه فقلت له أقول حدثني فقال أليس إذا قرأته علي فقد حدثتك به قال سمعت أبا عثمان يحدث
عن أبي هريرة قال سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق يقول "إن الرحمة لا تنزع إلا من شقي" 1. [1: 2]
بُعِثَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَحمةً للعالَمينَ، وقد عَلَّمَنَا الرِّفقَ والرَّحمةَ بِأفعاله وأحوالِه، وأمرَنا بها بِأقوالِه، وفي هذا الحَديث يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لا تُنْزَعُ الرَّحْمةُ»؛ والرَّحمة: هي الشَّفقةُ ولِينُ القَلبِ ورِقَّتُه على الخَلائقِ، والمعنى: لا تُسلَبُ هذه الرَّحمةُ والشَّفقةُ، «إلَّا مِن شَقِيٍّ»؛ لأَنَّ الرَّحْمة عَلامةُ الإيمانِ، ومَن لا رَحمةَ عنده فلا علامةَ إيمانٍ له، ومَن لا إيمانَ له فهو شَقيٌّ، وعليه فهو تحتَ طائلةِ الكُفرِ والعِصيانِ.
وَقيل: إنَّ حَقيقةَ الرَّحمةِ إرادةُ المَنفَعةِ للنَّاس، وإذا ذَهبَتْ إِرادةُ المَنفَعةِ من قَلبِ المَرءِ فقد شَقِيَ بِإرادة المَكروهِ لِغيرِه، وَذهبَ عنه الإيمانُ والإِسلامُ؛ فَكانَ شقِيًّا.
وقيل: لأنَّ الرَّحمةَ والشَّفقةَ على خَلقِ اللهِ سَببٌ لِرحمَتِه تعالى، فمَن حُرِمَ ذلك فهو شَقيٌّ