كتاب حمد الله تعالى

وروينا في كتاب الترمذي وغيره عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم؟ فيقول: فماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة، وسموه بيت الحمد " قال الترمذي: حديث حسن.
والأحاديث في فضل الحمد كثيرة مشهورة، وقد سبق في أول الكتاب جملة من الأحاديث الصحيحة في فضل: سبحان الله والحمد لله ونحو ذلك.
وفي هذا الحديث بيان لأجر بعض من يصاب ببعض المصائب فيصبر ويحمد الله تعالى، حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مات"، أي: إذا انقضى أجل وحياة "ولد العبد" المؤمن، "قال الله"، وهو أعلم، "لملائكته" الموكلين بقبض الأرواح، وهو ملك الموت وأعوانه، "قبضتم ولد عبدي؟" على تقدير الاستفهام، أي: هل قبضتم روح ولد عبدي المؤمن؟ "فيقولون"، أي: الملائكة الموكلون بقبض الأرواح: "نعم" قبضنا روح ولد عبدك المؤمن يا ربنا، "فيقول" الله تعالى للملائكة مرة ثانية، إظهارا لكمال رحمة الوالد بولده، "قبضتم ثمرة فؤاده"، وسمي الولد ثمرة الفؤاد كثمرة الشجرة؛ لأنه نتيجة للأب وثمرته، "فيقولون"، أي: الملائكة الموكلون بقبض الأرواح: "نعم" قبضنا ثمرة فؤاد عبدك، "فيقول" الله تعالى وهو أعلم: "ماذا قال عبدي؟"، أي: ما كان رد فعله وقوله نتيجة هذه المصيبة، وهي موت ولده وثمرة فؤاده؟ "فيقولون"، أي: الملائكة الموكلون بقبض الأرواح: "حمدك" عبدك، أي: قال: الحمد لله، "واسترجع"، أي: قال: إنا لله وإنا إليه راجعون؛ فصبر على هذه المصيبة وهذا البلاء مؤمنا بالقدر، "فيقول الله" لملائكته: "ابنوا لعبدي" المؤمن الذي حمدني عند المصيبة واسترجع، "بيتا في الجنة" يدخله في الآخرة، "وسموه"، أي: هذا البيت، "بيت الحمد"؛ لأنه جزاء ذلك الحمد والصبر على المصيبة، وعدم تشكيه