باب مختصر في أحرف مما جاء في فضل الذكر غير مقيد بوقت

باب مختصر في أحرف مما جاء في فضل الذكر غير مقيد بوقت

وروينا فيه عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من قال سبحان الله وبحمده، غرست له نخلة في الجنة "

للذكر فضائل كثيرة في الدنيا والآخرة؛ فبعضه يكون سببا لغفران الذنوب، وبعضه يكون سببا للزيادة في نعيم الجنة
وفي هذا الحديث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من قال"، أي: من ذكر بلسانه مع اليقين في قلبه، وقال الجملة التالية: "سبحان الله العظيم وبحمده"، أي: أنزه الله العظيم عن كل نقص تنزيها مقرونا بحمده عز وجل معتقدا بقلبي ومقرا بأركاني وجوارحي وذاكرا بلساني، "غرست له نخلة في الجنة"، أي: زرعت ونصبت نخلة فيما أعطاه الله من الجنة، وقيل: خصت النخلة دون غيرها من الأشجار؛ لكثرة منافعها وطيب ثمرتها؛ ولذلك ضرب الله تعالى مثل المؤمن وإيمانه بها وثمرتها في قوله تعالى: {ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة} [إبراهيم: 24]، وهي كلمة التوحيد (كشجرة طيبة) وهي النخلة، ووقع في رواية أخرى "شجرة" بدل "نخلة"؛ فيحمل المطلق على المقيد؛ فيكون المغروس هنا في الجنة هو النخلة، وهذه النخلة لمن قالها مرة واحدة؛ فإن قالها أكثر فله بكل مرة نخلة، ومن الحكمة في هذا الغرس أنه يرى ثمرة عمله فيسر به ويفرح ويتمتع بهذا المنظر الجميل، وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن؛ سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم"؛ فهذه كلمات قليلة وخفيفة على اللسان، ولكن فضلها عظيم وكبير، وهذا الفضل من الله وهو جزء من النعيم لمن كان من أهل الجنة من المسلمين الذاكرين لله تعالى، وهذا جزاء التسبيح والحمد مع التنزيه لله سبحانه
وفي الحديث: بيان فضل الذكر لله بالتسبيح والحمد مع الاعتقاد بالقلب.
وفيه: أن التمرة من ثمار الجنة، والنخل من شجرها، كما قال تعالى: {فيهما فاكهة ونخل ورمان} [الرحمن: 68]