باب حث من سئل علما لا يعلمه ويعلم أن غيره يعرفه على أن يدل عليه

باب حث من سئل علما لا يعلمه ويعلم أن غيره يعرفه على أن يدل عليه

وروينا في " صحيح البخاري " عن عمران بن حطان قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن الحرير، فقالت: ائت ابن عباس فاسأله، فقال: سل ابن عمر، فسألت ابن عمر، فقال: أخبرني أبو حفص - يعني عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة ".
قلت: لا خلاق: أي لا نصيب.

أمر الزينة واللباس في الإسلام واضح في كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وقد قرر الشرع أمورا عامة، يجب أن تراعى في هيئة الثياب للرجال والنساء، ومنها تحريم لبس الحرير للرجال
وفي هذا الحديث يخبر التابعي عمران بن حطان أنه سأل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن لبس الحرير، فأحالته إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ليسأله عن ذلك، فذهب عمران إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، فأحاله إلى ابن عمر رضي الله عنهما ليسأله، فذهب عمران إلى ابن عمر رضي الله عنهما وسأله عن الحرير، فأخبره أن أباه أبا حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخبره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة» أي: من لا حظ له ولا نصيب له في نعيمها، وقيل: إنه يدخل الجنة ولكن لا يتمتع بلباس الحرير، مع أن أهل الجنة لباسهم فيها حرير، وإنما يلبس شيئا آخر. وهذا من التغليظ والتشديد في النهي عن لبس الحرير للرجال، وهو حلال للنساء، كما بينت الروايات الصحيحة
فلما سمع عمران من ابن عمر رضي الله عنهما هذا الكلام صدق عمر رضي الله عنه فيما نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو حفص كنية أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه.
وفي الحديث: تواضع الصحابة رضي الله عنهم، وما كان بينهم من اعتراف بعضهم لبعض بالفضل والعلم، وإحالة المسؤول منهم على من يظن أنه أعلم منه.
وفيه: سؤال أهل العلم عما يحتاج إلى توضيح وبيان.