مسند الصديقة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها 139
مسند احمد

حدثنا موسى بن داود قال: حدثنا فرج بن فضالة، عن محمد بن الوليد الزبيدي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا عائشة، لو كان عندنا من يحدثنا؟» قالت: قلت: يا رسول الله، ألا أبعث إلى أبي بكر؟ فسكت، ثم قال: «لو كان عندنا من يحدثنا» ، فقلت: ألا أبعث إلى عمر؟ فسكت، قالت: ثم دعا وصيفا بين يديه، فساره، فذهب، قالت: فإذا عثمان يستأذن، فأذن له، فدخل، فناجاه النبي صلى الله عليه وسلم طويلا، ثم قال: «يا عثمان إن الله عز وجل مقمصك قميصا، فإن أرادك المنافقون على أن تخلعه، فلا [ص:14] تخلعه لهم، ولا كرامة» يقولها: له مرتين أو ثلاثا
وفي هذا الحَديثِ يُوصِي النبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عُثمانَ رَضِي اللهُ عَنه بعدَمِ الانصِيَاعِ للمُتمرِّدين الَّذين سيُحاوِلون عَزْلَه؛ ولذلِك لم يَتَنازَلْ عن الخِلافةِ؛ تَنفيذًا لوصيَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم له، وفيه يقولُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "يا عُثمانُ، إنَّه لعلَّ اللهَ يُقمِّصُك قَميصًا"، أي: يُلَبِّسُك قَميصًا، ويَعني بذلك الخِلافةَ، فشَبَّهها بالقميصِ الَّذي يَلبَسُه الإنسانُ ولذا قال: "فإنْ أرادوك على خَلْعِه"، أي: سَعَوْا في عَزْلِك "فلا تَخلَعْه لهم"، أي: إنْ أرادوا عزْلَك فلا تستَجِبْ لهم، فأنت على حقٍّ وهم على باطلٍ، وتُلَبَّسوا بالفِتنةِ والشُّبهاتِ
وفي الحديثِ: فَضيلةٌ ومَنقَبةٌ لِعُثمانَ بنِ عفَّانَ رَضِي اللهُ عَنه. وفيه: الحثُّ على عدَمِ الاستجابةِ لدَعواتِ المبطِلين. وفي الحديثِ: مُعجِزةٌ ظاهرةٌ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ودَلالةٌ من دَلائِلِ صِدْقِ نُبوَّتِه؛ حيث أخبرَ بما يقَعُ مِن فِتَنٍ، ووقَع كما أخْبَر