مسند الصديقة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها 142

مسند احمد

مسند الصديقة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها 142

 حدثنا عبد الصمد، حدثنا حماد قال: حدثنا قتادة، عن عطاء، عن عبيد بن عمير [ص:20]، عن عائشة، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم في صلاة الإنابة فيركع ثلاث ركعات، ثم يسجد، ثم يركع ثلاث ركعات، ثم يسجد»

الشَّمسُ والقمرُ آيَتانِ مِن آياتِ اللهِ العَظيمةِ، وجرَيانُهما وتَعاقُبُهما يدُلُّ على عَظمةِ الخالقِ وإحكامِ صَنعتِه، ولَمَّا كان يقَعُ مِنهُما الخسوفُ والكُسوفُ، فإنَّ هذا يَسْتدعي الخوفَ مِن انطِماسِهِما ووُقوعِ القيامةِ

 وفي هذا الحَديثِ تقولُ عائشةُ رَضِي اللهُ عَنْها: "كَسَفَتِ الشَّمسُ"، والكُسوفُ هو انحِجابُ ضوءِ الشَّمسِ، وذَهابُه جزئيًّا أو كليًّا بسبَبِ وقوفِ القمَرِ بينَ الشَّمسِ والأرضِ، "فقام النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم قِيامًا شديدًا"، أي: قام في الصَّلاةِ فصلَّى صلاةً طويلةً وشديدةً على النَّاسِ على غيرِ المعتادِ، "يقومُ بالنَّاسِ ثمَّ يَركَعُ، ثمَّ يَقومُ ثمَّ يركَعُ، ثمَّ يقومُ ثمَّ يركَعُ، فرَكَع ركعتَينِ في كلِّ ركعةٍ ثلاثَ ركَعاتٍ"، أي: يُتِمُّ في الرَّكعةِ الأولى ثلاثَ ركعاتٍ قبلَ أن يَسجُدَ، "يركَعُ الثَّالثةَ ثمَّ يَسجُدُ"، أي: فإذا ما انتَهى مِن الثَّلاثِ ركَعاتٍ مِن الرَّكعةِ الأُولى هَوى إلى السُّجودِ
قال: "حتَّى إنَّ رِجالًا يومَئذٍ ليُغْشى عليهم ممَّا قام بهم، حتَّى إنَّ سِجالَ الماءِ لَتُصَبُّ علَيهم"، أي: أُصيبَ بعضُ الرِّجالِ بالإغماءِ والإعياءِ وفِقْدانِ الوعيِ مِن طولِ الصَّلاةِ وشدَّتِها، حتَّى إنَّهم يَصُبُّون عليهم دلوًا أو وعاءً كبيرًا مِن الماءِ لِيُفيقوا، قالت عائشةُ رَضِي اللهُ عَنْها: "يقولُ إذا ركَع: اللهُ أكبرُ، وإذا رفَع: سَمِع اللهُ لِمَن حَمِدَه، حتَّى تجَلَّت الشَّمسُ"، أي: حتَّى ظهَرَت الشَّمسُ بضَوئِها
ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "إنَّ الشَّمسَ والقمَرَ لا ينكَسِفانِ لِمَوتِ أحَدٍ"، أي: حُزنًا عليه، "ولا لِحَياتِه"، أي: ولا فرَحًا له، "ولكنَّهما آيَتانِ مِن آياتِ اللهِ عزَّ وجلَّ"، أي: عَلامَتانِ مِن عَلاماتِ قُدرتِه تعالى، "يُخوِّفُ بهِما عِبادَه"، أي: يُذكِّرُهم بقُدرتِه، "فإذا كَسَفَا فافزَعوا إلى الصَّلاةِ"، أي: أسرِعوا إلى الصَّلاةِ حتَّى يرفَعَها اللهُ تعالى عن عبادِه، وقد ورَد في صحيحِ البخاريِّ: أنَّ سبَب خُطبتِه تلك أنَّ الشَّمسَ قد كُسِفَت في يومِ مَوتِ ابنِه إبراهيمَ عليه السَّلامُ، فقال النَّاسُ: "كَسَفَتِ الشَّمسُ لِمَوتِ إبراهيمَ
قيل: إنَّ المشهورَ في كيفيَّةِ صلاةِ الكُسوفِ: أنَّها ركعَتانِ، في كلِّ ركعةٍ قِيامَانِ وقراءَتان ورُكوعانِ، وأمَّا السُّجودُ فسَجدَتانِ كغَيرِهما، وسواءٌ تَمادى الكسوفُ أم لا
وفي الحديثِ: بيانُ قدرةِ اللهِ وتصَرُّفِه في مَخلوقاتِه
وفيه: الرُّجوعُ إلى اللهِ تعالى في المُلِمَّات والشَّدائدِ، والتضرُّعُ إليه بالدُّعاءِ