مسند الصديقة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها 146

مسند احمد

مسند الصديقة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها 146

حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن أبيه، أن عروة بن الزبير حدثه، عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا فاطمة ابنته فسارها فبكت، ثم سارها فضحكت، فقالت عائشة: فقلت لفاطمة: ما هذا الذي سارك به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكيت، ثم سارك فضحكت؟ قالت: «سارني فأخبرني بموته، فبكيت، ثم سارني فأخبرني أني أول من أتبعه من أهله، فضحكت»

كانتْ فاطِمةُ رَضيَ اللهُ عنها أشبَهَ بَناتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ به، وأحبَّهنَّ إليه
وفي هذا الحَديثِ تَذكُرُ أمُّ المؤمِنينَ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ فاطِمةَ أقْبَلَتْ آتيةً عليها، وهي تَمْشي كأنَّ هَيْئةَ مِشيَتِها مِشْيةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكان ذلك في مَرضِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الَّذي مات فيه، فلمَّا رَآها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال لها: «مَرْحبًا بابْنَتي»، وهذا مِن حُسنِ الاستِقْبالِ، ثمَّ أجلَسَها عن يَمينِه، أو عن شِماِله، ثمَّ أسرَّ إليها حَديثًا خاصًّا لا يَسمَعُه أحدٌ غَيرُها، فلمَّا سَمِعَتْه بكَتْ، فقالت عائشةُ: لِمَ تَبْكينَ؟ فلم تُجِبْها فاطِمةُ رَضيَ اللهُ عنها، ثمَّ أسرَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إليها حَديثًا  آخَرَ فضحِكَتْ، فقالت عائشةُ مُتعَجِّبةً: ما رأيْتُ فَرَحًا كفرَحٍ رَأَيتُه اليومِ؛ وذلك لأنَّه فَرَحٌ قَريبٌ مِن حُزنٍ! فسَأَلَتْها عمَّا قال لها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالت فاطِمةُ: «ما كنْتُ لِأُفْشيَ سِرَّ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ»، فلمَّا مات صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أعادَتْ عائشةُ سُؤالَها لفاطِمةَ، فقالت لها: إنَّه قال لها: «إنَّ جِبريلَ كان يُعارِضُني القُرآنَ كلَّ سَنةٍ مرَّةً، وإنَّه عارَضَني العامَ مرَّتينِ»، أي: إنَّه كان يُدارِسُه جَميعَ ما نزَل مِنَ القُرآنِ ويُراجِعُه معَه، وكان يَفعَلُ ذلك في كلِّ عامٍ مرَّةً، وقدْ فَعَل ذلك في هذا العامِ مرَّتَينِ، وفسَّرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ هذه إشارةٌ إلى مَوتِه هذا العامَ، وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لابنَتِه فاطِمةَ سرًّا: «وإنَّكِ أوَّلُ أهلِ بَيْتي لَحاقًا بي»، أي: أوَّلُ مَن يَموتُ مِن آلِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعْدَه، وكان هذا هو سَببَ بُكائِها رَضيَ اللهُ عنها، ثُمَّ قال لها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أمَا تَرْضَينَ أنْ تَكوني سيَّدةَ أهلِ الجنَّةِ -أو نِساءِ المؤمِنينَ-؟». فضَحِكَتْ فاطِمةُ رَضيَ اللهُ عنها لَمَّا سَمِعَتْ هذه البِشارةَ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ