مسند الصديقة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها 204
مسند احمد

حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الأعمش، عن تميم بن سلمة، عن عروة، عن عائشة، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل، فإذا انصرف، قال لي: «قومي فأوتري»
الصَّلاةُ عِبادةٌ رُوحيَّةٌ، ويَقِفُ فيها العَبدُ أمامَ رَبِّه، وقد عَلَّمَنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُنَنَها وآدابَها، وبَيَّنَ ما يُباحُ فيها، وما لا يُباحُ
وفي هذا الحَديثِ تُخبِرُ عائِشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يُصَلِّي صَلاةَ اللَّيلِ في حُجرَتِها وهي راقِدةٌ أمامَه مُعتَرِضةٌ على فِراشِه، فإذا انتَهى مِن تَهجُّدِه نبَّهَها وأيقَظَها مِنَ النَّومِ، فتَقومُ وتتوَضَّأُ وتُصَلِّي وِتْرَها، وفي رِوايةِ الصَّحيحَيْنِ: «والبُيوتُ يَومَئِذٍ ليسَ فيها مَصابِيحُ»، وهو إشارةٌ إلى أنَّ الظَّلامَ سَبَبٌ أو عِلَّةٌ لِوُجودِها أمامَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو في صَلاتِه، والحَديثُ أيضًا يُشيرُ لِعَدَمِ وُجودِ سُترةٍ، ولا يُعارِضُه حَديثُ ابنِ ماجَهْ عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما: «نَهى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُصَلَّى خَلفَ المُتحَدِّثِ والنائِمِ»، ويُجمَعُ بَينَ هذه الأحاديثِ بأنَّ النَّهيَ يَكونُ حَتْمًا إذا كان في ذلك ما يَشغَلُ المُصَلِّيَ في الصَّلاةِ، أمَّا إذا لم يَشغَلْه فالأمْرُ واسِعٌ، والأصْلُ أنَّ المُصَلِّيَ لا يَجعَلُ شَيئًا بيْنَه وبيْنَ القِبلةِ، فَضلًا على أنْ يَكونَ أمامَه ما يَشغَلُه، إلَّا إذا دَعَتِ الحاجةُ إلى ذلك
وفي الحَديثِ: التأكيدُ على الوِتْرِ، والمُواظَبةُ عليه، واستِحبابُ تَأخيرِ الوِتْرِ إلى آخِرِ اللَّيلِ
وفيه: أنَّ وُجودَ المَرأةِ أمامَ المُصَلِّي لا يُبطِلُ صَلاتَه
وفيه: حَثٌّ على صَلاةِ النَّوافِلِ وقيامِ اللَّيلِ في البَيتِ