مسند الصديقة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها 205
مسند احمد

حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، قالت: كان رجل يدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مخنث، وكانوا يعدونه من غير أولي الإربة، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم يوما وهو عند بعض نسائه وهو ينعت امرأة. فقال: إنها إذا أقبلت، أقبلت بأربع، وإذا أدبرت أدبرت بثمان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا أرى هذا يعلم ما هاهنا، لا يدخل عليكن هذا» فحجبوه
المُخنَّثُ هو الذَّكَرُ مِن الرِّجالِ الَّذي يُشبِهُ في تَصرُّفاتِه وكَلامِه وحَرَكاتِه النِّساءَ، وأحْيانًا يكونُ هذا خِلْقةً، وتارةً يكونُ بتَكلُّفٍ منه
وفي هذا الحَديثِ تُخبِرُ أمُّ المؤمِنينَ أُمُّ سَلَمةَ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دخَلَ عليها وكان عندَها مُخَنَّثٌ، قيلَ اسمُه: هِيتٌ، وقيلَ: ماتعٌ، وهو مَوْلى عبْدِ اللهِ بنِ أبي أُمَيَّةَ رَضيَ اللهُ عنه، فسَمِعَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ لعبدِ اللهِ بنِ أُمَيَّةَ أخي أُمِّ سَلَمةَ رَضيَ اللهُ عنهما: يا عبدَ اللهِ، أرأيْتَ إنْ فتَحَ اللهُ عليكمُ الطَّائفَ غدًا، وكان ذلك عَقيبَ فَتحِ مكَّةَ -والطَّائفُ مَدينةٌ تقَعُ في الغَربِ مِن شِبهِ الجَزيرةِ العَربيَّةِ، وهي اليومَ تابِعةٌ لمِنطَقةِ مكَّةَ المُكرَّمةَ على جانِبَيْ وادي «وَجٍّ»، وتَبعُدُ عن مَدينةِ مكَّةَ المُكرَّمةِ 75 كم تَقْريبًا- فعليكَ بابنةِ غَيْلانَ -أي: الْزَمْها واحْرِصْ على أنْ تَقَعَ في سَهْمِك-؛ فإنهَّا تُقبِلُ بأربَعٍ وتُدبِرُ بثَمانٍ، يَصِفَ له جَسَدَها ومِشْيَتَها، وهي امْرأةٌ مِن الطَّائفِ أسلَمَتْ بعْدَ ذلك وتَزوَّجَها عبدُ الرَّحمنِ بنُ عَوفٍ، فوصَفَها هذا المُخَنَّثُ بأنَّها تُقبِلُ بأربعِ عُكَنٍ وتُدبِرُ بثَمانٍ، والعُكَنُ: هي الثَّنايا في البَطنِ الَّتي تَكونُ مِن السِّمَنِ، فإذا أقبلَتْ رُئِيَتْ مَواضِعُها شاخِصةً مِن كَثرةِ الغُضونِ، وإذا أدبرَتْ رُئِيتْ أطْرافُ هذه العُكُنِ ثَمانيةً، فلمَّا سَمِعَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ منه ذلك، قال لأمِّ سَلَمةَ: لا يَدخُلْ هؤلاءِ عليكُنَّ؛ لأنَّه علِمَ أنَّه يَعلَمُ مَفاتنَ النِّساءِ ويَصِفُها، فمنَعَ أنْ يَدخُلَ عليهنَّ؛ لِئلَّا يَصِفَهُنَّ للرِّجالِ، فيَسقُطَ مَعنى الحِجابِ. وفي رِوايةٍ عندَ أبي داودَ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أخرَجَه، وكان بالبَيْداءِ»، فنَفاهُ وأبعَدَه إلى الصَّحْراءِ، والبَيْداءُ اسمُ مَوضِعٍ بيْن مكَّةَ والمَدينةِ، وهو مَوضِعٌ مُلاصِقٌ لذي الحُلَيْفةِ، ويَبعُدُ عنِ المَدينةِ حَوالَيْ 14 كم تَقريبًا، فكان «يدخُلُ كُلَّ جُمُعةٍ يَستَطعِمُ»، أي: يَطلُبُ الطَّعامَ، ثمَّ يَرجِعُ إلى مَنفاهُ