مسند الصديقة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها 36

مسند الصديقة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها 36

حدثنا سفيان، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، سمع ابن عمر، حين مات رافع بن خديج: إن بكاء الحي على الميت عذاب للميت، فأتيت عمرة فذكرت ذلك لها، فقالت: قالت عائشة: إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليهودية: " إنكم لتبكون عليها، وإنها لتعذب، وقرأت: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} [الأنعام: 164]

في هذا الحَديثِ يَقولُ ابنُ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عنهما: دَخلتُ على عائشَةَ، فحَدَّثتُها بما قالَ ابنُ عُمرَ، أي: إنَّه سَمِعَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يَقولُ: «إنَّ المَيِّتَ لَيُعذَّبُ بِبُكاءِ أَهلِه»، فَقالتْ: ما قالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قطْ: «إنَّ المَيِّتَ يُعذَّبُ ببُكاءِ أَحدٍ»! ولَكنَّه قالَ: «إنَّ الكافِرَ يَزيدُه اللهُ بِبُكاءِ أَهلِه عَذابًا»، أي: يُعذَّبُ بِبُكاءِ أَهلِه عَليه، وإن شِئْتُم فاقْرَؤوا، وإنَّ اللهَ لَهوَ {أَضْحَكَ وأَبْكَى} [النجم: 43]، أي: إنَّ بُكاءَ الإِنسانِ وضَحِكَه وحُزنَه وسُرورَه مِنَ اللهِ، {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [النجم: 38]، أي: أنَّ كلَّ نَفسٍ يَومَ القيامَةِ لا تَحمِلُ إِلَّا وِزرَها الَّذي اقتَرَفتْه
وفي رِوايةٍ: «فلَمَّا بَلغَ عائشَةَ قَولُ عُمرَ وابنِ عُمرَ قالَتْ: إنَّكُم لَتُحدِّثوني عَن غَيرِ كاذِبَينِ وَلا مُكذَّبَينِ، ولَكنَّ السَّمعَ يُخطِئُ»، أي: إنَّ هذا مِمَّا أَخطأَ فيهِ سَمعُهُما، وقَد ذَهبَ بَعضُ العُلماءِ أنَّ المَقصودَ بِتَعذيبِ المَيِّتِ بِبُكاءِ الحَيِّ إذا كانَ البُكاءُ مِن سُنَّةِ الميِّتِ واختيارِهِ