مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه 131
مسند احمد

حدثنا يزيد، أخبرنا عاصم بن محمد، عن أبيه، عن ابن عمر، عن عمر قال: لا أعلمه إلا رفعه، قال: يقول الله تبارك وتعالى: «من تواضع لي هكذا، وجعل يزيد باطن كفه إلى الأرض، وأدناها إلى الأرض، رفعته هكذا، وجعل باطن كفه إلى السماء، ورفعها نحو السماء»
التَّواضُعُ مِنَ الأخلاقِ الفاضِلةِ التي حَثَّت عليها الشَّريعةُ الإسلاميَّةُ وبَيَّنَت مَنزِلَتَه عِندَ اللهِ تعالى، وقد أوحى اللهُ تعالى إلى نَبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
أن تَواضَعوا، بحَيثُ لا يَتَرَفَّعُ أحَدٌ على أحَدٍ بشَيءٍ أُعطيَه مِن مالٍ أو جاهٍ أو نَحوِ ذلك، فما تَواضَعَ أحَدٌ للَّهِ إلَّا رَفعَه اللهُ؛ ولهذا يَقولُ اللهُ تعالى في الحَديثِ القُدُسيِّ: مَن تَواضَعَ لي هَكَذا، وجَعَلَ يَزيدُ -وهو يَزيدُ بنُ هارونَ؛ أحَدُ رواةِ هذا الحَديثِ- باطِنَ كَفِّه إلى الأرضِ، وأدناه -أي: جَعَلَ باطِنَ كَفِّ يَدِه مِمَّا يَلي جِهةَ الأرضِ وقَرَّبَها مِنَ الأرضِ- رَفعْتُه هَكَذا، وجَعَلَ يَزيدُ باطِنَ كَفِّه إلى السَّماءِ ورَفَعَها نَحوَ السَّماءِ، أي: جَعَلَ باطِنَ كَفِّ يَدِه إلى جِهةِ السَّماءِ، ورَفَع يَدَه. والمَعنى: أنَّه كُلَّما تَواضَعَ الإنسانُ وخَفَضَ مِن نَفسِه للَّهِ تعالى، رَفعَه اللهُ في الدُّنيا، ويُثبِتُ له بتَواضُعِه في القُلوبِ مَنزِلةً ويَرفعُه عِندَ النَّاسِ، ويُجِلُّ مَكانَه، ويَرفعُ ثَوابَه في الآخِرةِ بتَواضُعِه في الدُّنيا
وفي الحَديثِ التَّرغيبُ في خُلُقِ التَّواضُعِ وبَيانُ أجرِه
وفيه مَشروعيَّةُ الإشارةِ باليَدِ لتَقريبِ المَعنى للسَّامِعينَ