‌‌مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه 89

مسند احمد

‌‌مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه 89

حدثنا أبو النضر، حدثنا المسعودي، عن حكيم بن جبير، عن موسى بن طلحة، عن ابن الحوتكية، قال: أتي عمر بن الخطاب بطعام فدعا إليه رجلا، فقال: إني صائم، ثم قال: وأي الصيام تصوم؟ لولا كراهية أن أزيد أو أنقص لحدثتكم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم حين جاءه الأعرابي بالأرنب، ولكن أرسلوا إلى عمار، فلما جاء عمار قال: أشاهد أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جاءه الأعرابي بالأرنب، قال: نعم، فقال: إني رأيت بها دما، فقال: «كلوها» قال: إني صائم، قال: «وأي الصيام تصوم؟» قال: أول الشهر وآخره، قال: «إن كنت صائما فصم الثلاث عشرة والأربع عشرة والخمس عشرة»

للذَّبحِ في الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ أحكامٌ وآدابٌ، ومِن ذلك: أن يَذبَحَ الشَّخصُ ذَبيحَتَه بآلةٍ حادَّةٍ تَقطَعُ مَجاريَ الطَّعامِ والنَّفَسِ مِنَ البَهيمةِ، وكُلُّ شَيءٍ فيه إنهارُ الدَّمِ يَجوزُ الذَّبحُ به غَيرَ السِّنِّ والظُّفرِ؛ فقد جاءَ النَّهيُ عن ذلك

 وفي هذا الحَديثِ يُخبرُ أبو رَجاءٍ العُطارِديُّ أحَدُ التَّابِعينَ أنَّهم خَرَجوا حُجَّاجًا، أي: مُسافِرينَ للحَجِّ، وبَينَما هم في الطَّريقِ رَأى رَجُلٌ مِنَ القَومِ أرنَبًا فاصطادَه، ثُمَّ ذَبَحَ الأرنَبَ بظُفرِه، فمَلُّوها، أي: جَعَلوها في المَلَّةِ، وهيَ الرَّمادُ الحارُّ الذي يُحمى ليُدفَنَ فيه الخُبزُ ليَنضَجَ، والمَقصودُ أنَّهم شَوَوها بالمَلَّةِ وأكَلوها. يَقولُ أبو رَجاءٍ: ولم آكُلْ مَعَهم، أي: امتَنَعَ مِنَ الأكلِ مَعَهم لكَونِ الرَّجُلِ ذَبَح الأرنَبَ بظُفرِه، يَقولُ أبو رَجاءٍ: فلمَّا قَدِمنا البَلدَ، أي: وصَلوا بَلدَهمُ الذي يُريدونَه، ذَهَبَ أبو رَجاءٍ وسَأل ابنَ عبَّاسٍ عن ذلك؟ فقال له ابنُ عبَّاسٍ: لعَلَّك أكَلتَ مَعَهم؟ فقال أبو رَجاءٍ: لا، أي: لم آكُلْ مَعَهم. فقال ابنُ عبَّاسٍ: أصَبتَ، أي: وُفِّقتَ في عَدَمِ أكلِك مَعَهم، إنَّما قَتَلها خَنقًا، أي: أنَّ الرَّجُلَ بذَبحِه الأرنَبَ بظُفرِه كَأنَّه مِثلُ الخَنقِ لها، والمُنخَنِقةُ تُعتَبَرُ مَيِّتةً يَحرُمُ أكلُها، كَما قال تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ} [المائدة: 3]
وفي الحَديثِ النَّهيُ عن أكلِ ما ذُبِحَ بالظُّفرِ
وفيه أنَّ ما ذُبِحَ بالظُّفرِ حُكمُه حُكمُ المُنخَنِقةِ
وفيه اتِّقاءُ الشُّبُهاتِ في المَآكِلِ
وفيه سُؤالُ المَرءِ أهلَ العِلمِ فيما اشتَبَهَ عليه حُكمُه