باب في مسائل تتفرع على السلام

روينا في سنن أبي داود عن زارع رضي الله عنه، وكان في وفد عبد القيس قال: " فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجله ".
قلت: زارع بزاي في أوله وراء بعد الألف على لفظ زارع الحنطة وغيرها.
قال زارع بن عامر: "وانتظر المنذر الأشج"، أي: لم يسارع كالذين سارعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكان على رأس وفد عبد قيس ومقدمتهم، "حتى أتى عيبته"، أي: مستودع ثيابه، "فلبس ثوبيه"، أي: مستحسنا لأحسن ثيابه وقيل: كانت بيضا، "ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم"، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "إن فيك خلتين"، أي: خصلتين، "يحبهما الله، الحلم والأناة"، والحلم: العقل، والأناة: الترفق وعدم التعجل، فقال المنذر: "يا رسول الله، أنا أتخلق بهما"، أي: أكتسبهما في حياتي، "أم الله جبلني عليهما؟"، أي: جعلهما الله في دون اكتساب لهما وتعود عليهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "بل الله جبلك عليهما" ،فقال المنذر: "الحمد لله الذي جبلني على خلتين يحبهما الله ورسوله"، أي: شاكر لله عز وجل على ما جعل فيه من الصفات الحميدة.
وفي الحديث: فضل خلقي الحلم والأناة.
وفيه: حمد الإنسان لله تعالى على ما جبله عليه من الأخلاق الحميدة.