روينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: " شكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم أني لا أثبت على الخيل، فضرب بيده في صدري وقال: " اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا ".
في هذا الحديث فضيلة لجرير بن عبد الله رضي الله عنه، كما يخبر عن نفسه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحجبه منذ أسلم من دخول داره، أو دخول مجلسه المخصص للرجال، بل كان يأذن له كلما استأذن، وليس معناه أنه يدخل بيوت النبي صلى الله عليه وسلم بدون استئذان، أو يرى أزواجه، ولكن كان يسمح له بالدخول بعد الاستئذان، وكذلك ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم إلا تبسم في وجهه، وهذا من حسن لقاء الأصحاب، ولأن جريرا رضي الله عنه كان كبيرا في قومه، وذا مقام، فكان صلى الله عليه وسلم يحفظ له مكانته ووجاهته، وقد شكا إليه جرير أنه لا يثبت على الخيل، أي: أنه كان يسقط، أو يخاف السقوط من فوق ظهورها حال جريها، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده على صدره، وذلك من التواضع، وفيه استمالة النفوس. وقال: «اللهم ثبته» على الخيل، فلم يسقط بعد ذلك عن فرس، كما في رواية البخاري، «واجعله هاديا» لغيره، «مهديا» في نفسه.وفي الحديث: أن الصحابة مهما كان يصيبهم من أمر، كانوا يخبرون النبي صلى الله عليه وسلم به؛ طالبين النصيحة والدعاء.وفيه: أن لقاء الناس بالتبسم وطلاقة الوجه من أخلاق النبوة، وهو مناف للتكبر، وجالب للمودة.وفيه: فضل الفروسية وإحكام ركوب الخيل، وأن ذلك مما ينبغي أن يتعلمه الرجل الشريف والرئيس.وفيه: أنه لا بأس للعالم والإمام إذا أشار إلى إنسان في مخاطبته أو غيرها أن يضع عليه يده.وفيه: استمالة النفوس.