باب الاستئذان

وروينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الاستئذان ثلاث، فإن أذن لك وإلا فارجع ".
ورويناه في " الصحيحين " أيضا عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروينا في " صحيحيهما " عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنما جعل الاستئذان من أجل البصر ".
وروينا الاستئذان ثلاثا من جهات كثيرة.
والسنة أن يسلم ثم يستأذن، فيقوم عند الباب بحيث لا ينظر إلى من في داخله، ثم يقول: السلام عليكم، أأدخل؟ فإن لم يجبه أحد، قال ذلك ثانيا وثالثا، فإن لم يجبه أحد انصرف.
وفي هذا الحديث يروي سهل بن سعد رضي الله عنه أن رجلا -قيل: هو الحكم بن أبي العاص والد مروان- «اطلع في جحر»، أي: نظر من خلال ثقب أو شق في باب رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى حجرات نسائه، كما في رواية في الصحيحين، وكان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مدرى في يده، وهو شيء يعمل من حديد أو خشب على شكل سن من أسنان المشط وأطول منه، وكان صلى الله عليه وسلم يسرح بها رأسه، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر من فتحة الباب، قال: «لو أعلم»، أي: يقينا «أنك تنتظرني»، أي: تطالع في قصدا أو عمدا، لطعنت به في عينك، وقد ورد في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم، فقد حل لهم أن يفقؤوا عينه»
ثم بين صلى الله عليه وسلم أن الاستئذان شرعه الله عز وجل؛ لئلا يقع البصر على ما وجب ستره شرعا، أو ما احتاج الإنسان إلى ستره عرفا؛ لأن المستأذن لو دخل بغير إذن، لرأى بعض ما يكره من يدخل إليه أن يطلع عليه
وفي الحديث: الترغيب في إصلاح الشعر وإكرامه.
وفيه: مشروعية رمي من يتجسس بما يكون عقابا له على تجسسه.
وفيه: مشروعية الاستئذان على من يكون في بيت مغلق.
وفيه: النهي عن التطلع على من كان داخل بيت مغلق.
وفيه: مشروعية أن يأخذ الإنسان حقه ممن ظلمه، دون أن يرجع لولي الأمر.