باب ما يقال عند الصباح وعند المساء

وروينا في " صحيح مسلم " عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا كان في سفر وأسحر يقول: " سمع سامع بحمد الله وحسن بلائه علينا، ربنا صاحبنا (1) ، وأفضل علينا، عائذا (2) بالله من النار ".
كان النبي صلى الله عليه وسلم ملازما لشكر الله سبحانه وتعالى وحمده في أحواله المتعددة، ومنها السفر
وفي هذا الحديث يخبر أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان وهو في طريق السفر ودخل عليه وقت السحر -وهو وقت قبيل الصبح، وهو أيضا وقت آخر الليل- حال كونه صلى الله عليه وسلم مستيقظا وعلى حال من السير أو الراحة من طريق السفر؛ كان يقول: «سمع سامع»، أي: ليسمع السامع وليشهد الشاهد على حمدنا الله سبحانه وتعالى على نعمه، «وحسن بلائه علينا» وذلك أنه تعالى أنعم علينا فشكرنا، وابتلانا بالمحن فصبرنا، أو المعنى: بلغ سامع قولي هذا لغيره، وقال مثله تنبيها على الذكر في السحر والدعاء.
ثم إنه صلى الله عليه وسلم يدعو ويقول: «ربنا صاحبنا» من المصاحبة، بمعنى وفقنا وأعنا واحفظنا، فطلب المصاحبة في السفر هو طلب أن يكون الله معه في جميع أمره بالحفظ، والتوفيق، والتسديد، والنصرة، والإعانة، «وأفضل علينا»، أي: تفضل علينا بإدامة النعمة والتوفيق للقيام بحقوقها، واحفظنا واصرف عنا كل مكروه
ثم ختم صلى الله عليه وسلم ذلك الحمد والشكر باستعاذته بالله تعالى من النار؛ تواضعا لله تعالى وهضما لنفسه، وليجمع بين الخوف والرجاء تعليما لأمته.
وفي الحديث: مواظبته صلى الله عليه وسلم على الذكر، والدعاء، والثناء على ربه في كل أوقاته، والاعتراف له بحقوقه، والإقرار بصدق وعده ووعيده.