‌‌ذكر البيان بأن هذا الفضل إنما يكون لمن أدى ما وصفنا كما سمعه سواء من غير تغيير ولا تبديل فيه8

صحيح ابن حبان

‌‌ذكر البيان بأن هذا الفضل إنما يكون لمن أدى ما وصفنا كما سمعه سواء من غير تغيير ولا تبديل فيه8

أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا صفوان بن صالح قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا شيبان قال حدثني سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله
عن أبيه بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رحم الله من سمع مني حديثا فبلغه كما سمعه فرب مبلغ أوعى له من سامع"1. [2:1]

 لقد حثَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم على تبليغِ دَعوةِ الحقِّ إلى النَّاسِ، ونَقْلِ سُنَّتِه؛ حتَّى يَنتَشِرَ الدِّينُ. ...

وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ رَضِي اللهُ عنه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال: "نَضَّر اللهُ"، مِن النَّضارَةِ، وهو الحُسْنُ والرَّونَقُ، وهذا دُعاءٌ أن يُحسِّنَ اللهُ خَلْقَه ويَرفَعَ قدْرَه، "امْرَأً": أي: شخصًا أيًّا كان مِن الصَّحابةِ الكِرامِ ومَن سَمِع مِنهم، "سَمِع مِنَّا حديثًا"، أي: كلامًا قوليًّا عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أو فِعلًا أو تَقريرًا له، وفي روايةٍ: "فحَفِظَه"، أي: فاستَوعَبه بعَقلِه وقَلبِه، وبَقي حافِظًا له، "فبَلَّغه"، أي: نقَلَه إلى غيرِه كما سَمِعه، "فرُبَّ مُبلَّغٍ أحفَظُ مِن سامعٍ"، وفي روايةٍ: "فرُبَّ حامِلِ فِقهٍ ليس بفَقيهٍ، ورُبَّ حامِلِ فقهٍ إلى مَن هو أفقَهُ مِنه"، و (رُبَّ) تُستعمَلُ للتَّقليلِ والتَّكثيرِ، والمعنى: فقليلًا أو كَثيرًا ما يكونُ الرَّاوي السَّامعُ ليس عالِمًا ولا فقيهًا، ولكنَّه يَحفَظُ السُّنَّةَ ويَنقُلُها إلى غيرِه ممَّن فيهم العُلماءُ والفقهاءُ الَّذين يَستنبِطون الأحكامَ، أو للَّذي يَقدِرُ على الفَهْمِ والاستنباطِ. ...

وفي الحديثِ: الحثُّ على حِفظِ السُّنَّةِ النَّبويَّةِ وتَبليغِها للنَّاسِ. ...

 وفيه: بيانُ فضلِ العُلماءِ، وفضل حمْل العِلمِ وحِفظِه وتَبليغِه