مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه 229
مسند أحمد

حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن أبي حصين، عن عمير بن سعيد، عن علي، قال: " ما من رجل أقمت عليه حدا فمات فأجد في نفسي إلا الخمر، فإنه لو مات لوديته، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسنه " (3)
أُقِيمَ حدُّ الخمرِ على عهْدِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وعَهدِ أبي بكرٍ وعُمرَ رضِي اللهُ عنهما بِأكثرَ مِن صُورةٍ، بخِلافِ باقي الحدودِ
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضِيَ اللهُ عنه: أنَّه لا يحزنُ على أحدٍ يَموتُ في حَدٍّ مِن حُدودِ اللهِ، إلَّا صاحبَ الخمرِ؛ فإنَّه يحزَنُ عليه إذا مات من ضَرْبِه الحَدَّ، فلوْ ماتَ مِنَ الحدِّ دَفَعَ دِيَتَهُ لِأهلِه، والدِّيَةُ هي: مِقدارُ ما يَدفَعُه عَصَبةُ القاتِلِ إلى ورثَةِ المقتولِ عِوضًا عن سَفْكِ دَمِه، وقيمتُها مائةٌ مِنَ الإبلِ، ثُمَّ بيَّنَ رضِيَ اللهُ عنه سَببَ ذلك؛ وهو أنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم «لم يَسُنَّه»، أي: لم يُقدِّرْ فيه قَدْرًا مُعَيَّنًا. وقد أخرج له مُسلِمٌ: «جَلَدَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أربعينَ، وأبو بكرٍ أربعينَ، وعُمَرُ ثمانينَ، وكلٌّ سُنَّةٌ، وهذا أحَبُّ إليَّ». وفي البُخاريِّ من حَديثِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قال: ((كُنَّا نُؤْتَى بالشَّاربِ على عَهْدِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وإِمْرةِ أبي بَكْرٍ وصَدْرًا مِن خِلافَةِ عُمَرَ، فنقُومُ إليْه بأيْدِينا ونِعالِنا وأرْدِيَتِنا، حتَّى كان آخِرُ إمْرةِ عُمَرَ، فجَلَدَ أرْبعِينَ، حتَّى إذا عَتَوْا وفسَقُوا جَلَدَ ثَمَانِينَ))
وفي الحَديثِ: مَشروعيَّةُ اجتِهادِ الإمامِ في بعضِ العُقوباتِ التي لم يأتِ فيها نَصٌّ صَريحٌ