من حديث أسماء بنت يزيد 1
مسند احمد

حدثنا سفيان، عن ابن أبي حسين، سمع شهرا يقول: سمعت أسماء بنت يزيد - إحدى نساء بني عبد الأشهل - تقول: مر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في نسوة فسلم علينا وقال: «إياكن وكفر المنعمين» فقلنا: يا رسول الله، وما كفر المنعمين؟ قال: " لعل إحداكن أن تطول أيمتها بين أبويها، وتعنس فيرزقها الله عز وجل زوجا، ويرزقها منه مالا، وولدا فتغضب الغضبة فتقول: ما رأيت منه يوما خيرا قط وقال: مرة خيرا قط "
أوصى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم النِّساءَ وحَثَّهنَّ على حُسنِ مُعامَلةِ الزَّوجِ، وأخبَرَهنَّ أنَّ نُكرانَ الزَّوجةِ مَعروفَ زَوجِها ونِعمَتَه وجَميلَه مَعَها مِن موجِباتِ دُخولِ النَّارِ
وفي هذا الحَديثِ تُخبرُ أسماءُ بنتُ يَزيدَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَرَّ على جَماعةٍ مِن النِّساءِ فسَلَّمَ عليهنَّ، أي: ألقى عليهنَّ السَّلامَ، ثُمَّ قال لهنَّ: إيَّاكُنَّ وكُفرَ المُنعِمينَ، أي: احذَرنَ أن تَجحَدنَ نِعمةَ إحسانِ الأزواجِ لكُنَّ. والمَعنى أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُحَذِّرُهنَّ مِن كُفرانِ نِعمةِ الأزواجِ، وكُفرُ النِّعمةِ إنكارُها وعَدَمُ الاعتِرافِ بها. فقالت النِّساءُ: يا رَسولَ اللهِ، وما كُفرُ المُنعِمينَ؟ أي: كَيف يَكونُ كُفرُ النِّعمةِ. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لعَلَّ إحداكُنَّ أن تَطولَ أيمَتُها، أي: جُلوسُها بلا زَوجٍ، بَينَ أبَويها، أي: تَظَلُّ سِنينَ طَويلةً عِندَ أبَويها بدونِ زَوجٍ، وتَعنَسُ، أي: تُصابُ بالعنوسةِ، والعانِسُ هيَ مَن طال مُكثُها في مَنزِلِ أهلِها بَعدَ بُلوغِها ولم تَتَزَوَّجْ حتَّى خَرَجَت مِن عِدادِ الأبكارِ، فيَرزُقَها اللهُ عَزَّ وجَلَّ زَوجًا، أي: يُسَهِّلَ اللهُ لها زَوجًا فتَتَزَوَّجَه، ويَرزُقَها مِن هذا الزَّوجِ مالًا وولدًا، أي: فيَكونَ لدَيها المالُ والوَلَدُ بَعدَ أن كانت عانِسًا. فتَغضَبَ الغَضبةَ، أي: ثُمَّ بَعدَ ذلك تَغضَبُ مِن زَوجِها على شَيءٍ يَحصُلُ مِنه، فتَقولَ له: ما رَأيتُ مِنه يَومًا خَيرًا قَطُّ، أي: تُنكِرُ أنَّه أحسَنَ إليها أو صَنَع لها مَعروفًا. وقال مَرَّةً: خَيرًا قَطُّ. وهو شَكٌّ مِن الرَّاوي، والمَعنى: أنَّها تَكفُرُ نِعمَتَه عِندَ غَضَبِها
وفي الحَديثِ مَشروعيَّةُ سَلامِ الرَّجُلِ على النِّساءِ إذا أُمِنَت الفِتنةُ
وفيه التَّحذيرُ الشَّديدُ مِن كُفرِ النِّساءِ لإحسانِ الأزواجِ إليهنَّ
وفيه إرشادُ النِّساءِ إلى شُكرِ نِعمةِ الأزواجِ