باب جواز إعلام أصحاب الميت وقرابته بموته وكراهة النعي

وروينا في كتاب الترمذي، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إياكم والنعي، فإن النعي من عمل الجاهلية ".
وفي رواية عن عبد الله ولم يرفعه.
قال الترمذي: هذا أصح من المرفوع، وضعف الترمذي الروايتين.
وفي هذا الأثر بيان لورع الصحابة ووقوفهم عند أقوال النبي صلى الله عليه وسلم، حيث يقول التابعي بلال بن يحيى: كان حذيفة بن اليمان رضي الله عنه "إذا مات له الميت قال: لا تؤذنوا به أحدا"، أي: لا تعلموا ولا تخبروا أحدا بوفاته؛ "إني أخاف أن يكون نعيا؛ إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذني هاتين ينهى عن النعي"، وكان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن نعي الجاهلية؛ وذلك لأنهم كانوا يشهرون الموت بهيئة كريهة فيها النداء بذكر مفاخره ومآثره، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الصفة، وخاف حذيفة رضي الله عنه أن يكون المراد إطلاق النهي، فنهى عنه ولم يسمح به؛ فهو من باب الورع، وإلا فخبر الموت- سيما إذا كان لمصلحة؛ كتكثير الجماعة- مشروع، وقد نعى النبي صلى الله عليه وسلم النجاشي إلى أصحابه؛ كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند البخاري وغيره؛ فالنعي ليس ممنوعا كله، وإنما نهى عما كان أهل الجاهلية يصنعونه، حيث كانوا يرسلون من يعلن بخبر موت الميت على أبواب الدور والأسواق، والسنة إعلام الأهل والأصحاب وأهل الصلاح.
وفي الحديث: بيان النهي عن المبالغة في نعي الميت.
وفيه: مراعاة الإسلام لمصلحة الأحياء والأموات