‌‌"‌‌باب: في ذكر تجلي ربنا عز وجل للجبل عند كلامه لموسى عليه السلام"284

السنة لابن ابي عاصم

‌‌"‌‌باب: في ذكر تجلي ربنا عز وجل للجبل عند كلامه لموسى عليه السلام"284

ثنا أبو موسى ثنا معاذ بن معاذ ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" {فلما تجلى ربه للجبل} قال هكذا قال يعني أنه أخرج طرف خنصره قال: فقال له: حميد الطويل ما تريد إلى هذا يا أبا محمد؟ قال: فضرب صدره ضربة شديدة وقال من أنت يا حميد وما أنت يا حميد! يخبر به أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم وتقول ما تريد إلى هذا؟

للهِ سبحانَه وتعالَى الجلالُ والكمالُ، والقُوَّةُ والعظَمةُ، وقد قال في كتابِه: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} [الشورى: 51]. وفي هذا الحَديثِ يخبِرُ أنَسٌ رضِيَ اللهُ عَنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: قرَأ هذه الآيةَ: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} [الأعراف: 143]، والتَّجلِّي هو الظُّهورُ للعيَانِ، وهذه الآيةُ مذكورةٌ في قِصَّةِ موسى عليه السَّلامُ حين طلَب أن يَرى ربَّه، فقال اللهُ: {قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} [الأعراف: 143]، أي: تَجلَّى اللهُ تَجلِّيًا يَليقُ بجَلالِه وكَمالِه بالكيفيَّةِ الَّتي أرادها ولا نَعرِفُها، والتَّجلِّي مِن الصِّفاتِ الخبَريَّةِ الَّتي نُؤمِنُ بها دونَ تشبيهٍ أو تعطيلٍ أو تجسيمٍ. "قال حمَّادٌ"، أحَدُ رُواةِ الحديثِ: "هكذا"، أي: أشار إلى قدْرِ التَّجلِّي، "وأمسَك سُليمانُ بطرَفِ إبهامِه على أَنمُلَةِ إصبَعِه اليُمنى"، أي: فسَّر سليمانُ وهو الرَّاوي عن حمَّادٍ إشارتَه، والمرادُ: أنَّه ما تَجلَّى مِنه سبحانه وتعالَى إلَّا هذا القَدْرُ، "قال"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "فساخَ الجبَلُ"، أي: غاصَ الجبلُ وذهَب في الأرضِ، "وخرَّ موسى صَعِقًا"، أي: غُشِي عليه.

وفي الحديثِ: عِظَمُ اللهِ سبحانه وتعالى.

وفيه: إكرامُ اللهِ لنَبيِّه موسى عليه السَّلامُ.