حديث أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما 9

مسند احمد

حديث أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما 9

 حدثنا أبو أسامة، قال: حدثنا هشام، عن أبيه، وفاطمة، عن أسماء، قالت: «صنعت سفرة رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت أبي بكر حين أراد أن يهاجر» . قالت: «فلم نجد لسفرته ولا لسقائه ما نربطهما به» . قالت: " فقلت لأبي بكر: والله ما أجد شيئا أربطه به إلا نطاقي ". قال: " فقال: شقيه باثنين، فاربطي بواحد السقاء، والآخر السفرة، فلذلك سميت ذات النطاقين "

كان جُهَّالُ أهلِ الشَّامِ -وهم عَسكَرُ الحَجَّاجِ بنِ يُوسُفَ- يقاتِلون عبدَ اللهِ بنَ الزُّبَيرِ على مكَّةَ، أو عَسكَرُ الحصَينِ بن نميرٍ الذين قاتلوه قبل ذلك من قِبَل يزيدَ بنِ مُعاويةَ، يُعيِّروَن عبدَ اللهِ بنَ الزُّبيرِ رضِيَ اللهُ عنهما بِأمَّهِ أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ رضِيَ اللهُ عنهما، وبأنَّها يُطلَقُ عليها ذاتُ النِّطاقَيْنِ

 فكانوا يَقولون له: يا ابنَ ذاتِ النِّطاقَيْنِ، على وجْهِ الذَّمِّ، والنِّطاقُ: هو ما تَشُدُّ به المرأةُ وسَطَها عندَ مُعاناةِ الأشغالِ؛ لِتَرفَعَ به ثَوبَها، فقالتْ له أسماءُ رضِيَ اللهُ عنها: يا بُنَيَّ، إِنَّهُم يُعيِّروَنك بالنِّطاقَيْنِ؛ هل تَدْري ما النِّطاقانِ؟ فأخبَرَتْه أنَّها شَقَّتْ نِطاقَها نِصفينِ، وربَطَتْ قِرْبَةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم التي يَشرَبُ منها بِأحدِ الشِّقَّينِ، وجَعَلتِ الآخَرَ على ما كانَ يُحْمَلُ فيه الطَّعامُ، فلمَّا عَلِمَ عبدُ اللهِ بنُ الزُّبيرِ رضِي اللهُ عنهما أنَّ هذا اللَّقبَ يَجلِبُ الفَخرَ لا الذَّمَّ، كان يَقولُ عندما يَسمَعُ أهلَ الشَّامِ يُنادونَه بِابنِ ذاتِ النِّطاقَيْنِ: «إِيهًا والإلِه!»، أي: نَعَمْ واللهِ، «تلك شَكاةٌ ظاهِرٌ عنك عارُها»، والشَّكاةُ: رفْعُ الصَّوتِ بِالقَولِ القبيحِ، والمعنى: أنَّ هذا اللَّقبَ الَّذي يَظُنُّ مُطلِقُه أنَّه قَبيحٌ، لا يَتعلَّقُ بِسَبِبِه عارٌ لِي، بَلْ هُو مصدَرُ فخْرٍ، وما قالَه ابنُ الزُّبَيرِ رضِي اللهُ عنهما هو شَطْرُ بَيتٍ أوَّلُه: وعَيَّرَني الوَاشُونَ أنِّي أُحِبُّها

 وفي الحَديثِ: مَنقَبةٌ لأسماءَ بنتِ أبي بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنهما

وفيه: أنَّ السُّفَهاءَ في كُلِّ عَصرٍ قد يحَوِّلون بعضَ القِيَمِ العظيمةِ إلى معانٍ مُستقبَحةٍ