حديث حبيبة بنت أبي تجراة

مسند احمد

حديث حبيبة بنت أبي تجراة

حدثنا يونس، قال: حدثنا عبد الله بن المؤمل، عن عمر بن عبد الرحمن قال: حدثنا عطاء، عن صفية بنت شيبة عن حبيبة بنت أبي تجراة قالت: دخلنا دار أبي حسين في نسوة من قريش والنبي صلى الله عليه وسلم يطوف بين الصفا والمروة، قالت: وهو يسعى يدور به إزاره من شدة السعي، وهو يقول لأصحابه: «اسعوا، فإن الله كتب عليكم السعي»

 كانتِ العَربُ قبلَ الإسلامِ تَموجُ في الجاهليَّةِ مَوجًا، وكانتْ قد أدخَلَتْ في بعضِ مَناسكِ الحَجِّ بعضَ عاداتِ الجاهليَّةِ تلك، فلمَّا جاء الإسلامُ أقَرَّ ما كان مِن مَناسكِ إبراهيمَ عليه السَّلامُ، ومنَعَ ما كان مِن عاداتِ الجاهليَّةِ وشَعائرِها. وفي هذا الحديثِ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "إنَّ اللهَ كتَبَ عليكم"، أي: أوجَبَ، وحتَّمَ، وفرَضَ عليكم "السَّعيَ"، بينَ الصَّفا والمَروَةِ، وذلك في الحَجِّ والعُمرةِ، "فاسعَوا"، بينهما سبعةَ أشْواطٍ بَدءا مِن الصَّفا، وانتِهاءً بالمَروَةِ. وإنَّما قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذلك؛ لأنَّ السَّعيَ بينهما كان يَفعَلُه المُشركونَ في الجاهليَّةِ، فلمَّا جاء الإسلامُ أمسَكَ النَّاسُ عنه، فبيَّنَ لهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه مِن شَعائرِ اللهِ، كما قال تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا[البقرة: 158] ، أي: إنَّ السَّعيَ بينَ الصَّفا والمَروَةِ مِن شَعائرِ اللهِ وعِبادتِه، وليس مِن شَعائرِ الجاهليَّةِ، فمَن أرادَ الحَجَّ أو العُمرةَ فلا بأسَ عليه أنْ يَسعى بينهما، والسَّعيُ بينَ الصَّفا والمَروَةِ شِعارٌ قديمٌ مِن عَهدِ إبراهيمَ عليه السَّلامُ، وفيه تَذكيرٌ بفِعلِ هاجَرَ أُمِّ إسماعيلَ عليهما السَّلامُ، وهو من مناسك الحَجِّ والعُمرةِ