حديث حواء جدة عمرو بن معاذ
مسند احمد

حدثنا روح، أخبرنا مالك، عن زيد بن أسلم، عن ابن بجيد الأنصاري، عن جدته، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ردوا السائل ولو بظلف [ص:441] محرق»
في هذا الحديثِ تَحكي أُمُّ بُجيدٍ رَضيَ اللهُ عنها- واسْمُها حواءُ، وهي من المُبايعاتِ: "أنَّها قالتْ: يا رسولَ اللهِ، إنَّ المسكينَ ليَقومُ على بابي" سائلًا، "فما أَجِدُ له"، أي: للمسكينِ، "شيئًا أُعْطِيهِ إيَّاهُ"، أي: لا أَجِدُ شيئًا أَسْتطيعُ إعطاءَهُ للمسكينِ؛ وذلك للفَقْرِ وقِلَّةِ ذاتِ اليدِ، "فقال لها"، أي: لأُمِّ بُجيدٍ: "إنْ لَمْ تَجِدي له"، أي: للسَّائلِ، شيئًا تُعْطينَه إيَّاهُ، إلَّا "ظِلْفًا" هو للبَقَرِ والغَنَمِ كالحافِرِ للفَرَسِ والقَدَمِ للإنسانِ، وجَمْعُهُ ظُلوفٍ وأَظْلافٍ، "مُحَرَّقًا" مُبالَغةً في الإحراقِ، "فادْفَعيهِ إليهِ في يَدِهِ"، أي: في يَدِ المسكينِ السَّائلِ، وهذه مُبالَغةٌ في غايةِ ما يُعْطى السَّائلُ مِنَ القِلَّةِ، فلا تَرُدِّيهِ مَحرومًا بلا شيءٍ مَهْمَا أَمْكَنَ، حتَّى إنْ وَجدتِ شيئًا حَقيرًا مِثْلَ الظِّلْفِ المُحْرَّقِ فأَعْطيهِ إيَّاهُ، وهو أَقلُّ ما يُمكِنُ أنْ يُعْطَى ولا يَكادُ أنْ يَقْبَلَه المسكينُ ولا يَنْتفِعَ به إلَّا في وقتِ المجاعةِ والشِّدَّةِ، وقيل: إنَّ الظِّلْفَ المُحْرَّقَ كان له عِنْدَهم قَدْرٌ بأنَّهمْ يَسْحقُونَه ويَسَفُّونَهُ
وفي الحديثِ: الحثُّ على الرَّحْمةِ بعبادِ اللهِ تعالى، ومُراعاةِ خَواطرِهم، والحثُّ على الصَّدَقةِ، ولو بشَيءٍ قليلٍ